الفاروق
عدد المساهمات : 22 تاريخ التسجيل : 01/07/2011
| موضوع: ذكر خلق آدم عليه السلام و قصة قابيل وهابيل و ذكر إدريس عليه السلام 7/17/2011, 13:52 | |
| ذكر الأحاديث الواردة في خلق آدم عليه السلام قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى ومحمد بن جعفر حدثنا عوف حدثني قسامة بن زهير عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك والخبيث والطيب والسهل والحزن وبين ذلك ] ورواه أيضا عن هوذة عن عوف عن قسامة بن زهير سمعت الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك والسهل والحزن وبين ذلك والخبيث والطيب وبين ذلك ] وكذا وراه أبو داود و الترمذي و ابن حبان في صحيحه من حديث عوف بن أبي جميلة الأعرابي عن قسامة بن زهير المازني البصري عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري عن النبي صلى الله عليه و سلم بنحوه قال الترمذي : حسن صحيح وقد ذكر السدي عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : فبعث الله عز و جل جبريل في الأرض ليأتيه بطين منها فقالت الأرض : أعوذ بالله منك أن تنقص مني أو تشينني فرجع ولم يأخذ وقال : رب إنها عاذت بك فأعذتها فبعث ميكائيل فعاذت منه فأعاذها فرجع فقال كما قال جبريل فبعث ملك الموت فعاذت منه فقال : وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره فأخذ من وجه الأرض وخلط ولم يأخذ من مكان واحد وأخذ من تربة بيضاء وحمراء فلذلك خرج بنو آدم مختلفين فصعد به فبل التراب حتى عاد طينا لازبا واللازب : هو الذي يلزق بعضه ببعض ثم قال للملائكة:{ إني خالق بشرا من طين* فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين } فخلقه الله بيده لئلا يتكبر إبليس عنه فخلقه بشرا فكان جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة فمرت الملائكة ففزعوا منه لما روأه وكان أشدهم فزعا إبليس فكان يرم به فيضربه فيصوت الجسد كما يصوت الفخار يكون له صلصة فلذلك حين يقول : { من صلصال كالفخار } ويقول : لأمر ما خلقت ودخل من فيه وخرج من دبره وقال للملائكة : لا ترهبوا من هذا فإن ربكم صمد وهذا أجوب لئن سلطت عليه لأهلكنه فلما بلغ الحين الذين يريد الله عز و جل أن ينفخ فيه الروح قال للملائكة : إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح من رأس عطس فقالت الملائكة : قل الحمد لله فقال : الحمد لله فقال له الله : رحمك ربك فلما دخلت الروح في عينه نظر إلى ثمار الجنة فلما دخلت الروح في جوفه اشتهى الطعام فوثب قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلان إلى ثمار الجنة وذلك حين يقول الله تعالى : { خلق الإنسان من عجل } { فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين } وذكر تمام القصة ولبعض هذا السباق شاهد من الأحاديث وإن كان كثير منه متلقى من الإسرائيليات فقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ لما خلق الله آدم تركه ما شاء أن يدعه فجعل إبليس يطيف به فلما رآه أجوف عرف أنه خلق لا يتمالك ] وقال ابن حبان في صحيحه : حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا هدبة بن خالد حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ لما نفخ في آدم فبلغ الروح رأسه عطس فقال : الحمد لله رب العالمين فقال له تبارك وتعالى : يرحمك الله ] وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا يحيى بن محمد بن السكن حدثنا حبان بن هلال حدثنا مبارك بن فضالة عن عبيد الله عن حبيب عن حفص - وهو ابن عاصم بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب - عن أبي هريرة رفعه قال:[ لما خلق الله آدم عطس فقال:الحمد لله فقال له ربه:رحمك بك يا آدم ] وهذا الإسناد لا بأس به ولم يخرجوه وقال عمر بن عبد العزيز : لما أمرت الملائكة بالسجود كان أول من سجد منهم إسرافيل فآتاه الله أن كتب القرآن في جبهته رواه ابن عساكر وقال الحافظ أبو يعلي : حدثنا عقبة بن مكرم حدثنا عمرو بن محمد عن إسماعيل بن رافع المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ إن الله خلق آدم من تراب ثم جعله طينا ثم تركه حتى إذا كان حمأ مسنونا خلقه الله وصوره ثم تركه حتى إذا كان صلصالا كالفخار قال : فكان إبليس يمر به فيقول : لقد خلقت لأمر عظيم ثم نفخ الله فيه من روحه فكان أول ما جرى فيه الروح بصره وخياشيمه فعطس فلقاه الله رحمة به فقال الله : يرحمك ربك ثم قال الله : يا آدم اذهب إلى هؤلاء النفر فقل لهم فانظر ماذا يقولون ؟ فجاء فسلم عليهم فقالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته فقال : يا آدم هذه تحيتك وتحية ذريتك قال : يا رب وما ذريتي ؟ قال : اختر يدي يا آدم قال : أختار يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين فبسط كفه فإذا من هو كائن من ذريته في كف الرحمن فإذا رجال منهم أفواهم النور وإذا رجل يعجب آدم نوره قال : يا رب من هذا ؟ قال : ابنك داود قال : يا رب فكم جعلت له من العمر ؟ قال : جعلت له ستين قال : يا رب فأتم له من عمري حتى يكون عمره مائة سنة ففعل الله ذلك وأشهد على ذلك فلما تقدم عمر آدم بعث الله ملك الموت فقال آدم : أولم يبق من عمري أربعون سنة ؟ قال له الملك : أو لم تعطها ابنك داود ؟ فجحد ذلك فجحدت ذريته ونسى فنسيت ذريته ] وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار و الترمذي و النسائي في ( اليوم والليلة ) من حديث صفوان ابن عيسى عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذياب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال الترمذي : حديث حسن غريب من هذا الوجه وقال النسائي : هذا حديث منكر وقد رواه محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي سعيد المقبري عن عبد الله بن سلام قوله وقوله الترمذي : حدثنا عبد بن حميد حدثنا أبو نعيم حدثنا هشام بن سعد عن زيد ابن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور ثم عرضهم على آدم فقال : أي رب من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك فرأى رجلا فأعجبه وبيص ما بين عينيه فقال : أي رب من هذا:قال:هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود قال: رب وكم جعلت عمره ؟ قال : ستين سنة قال : أي رب زده من عمري أربعين سنة فلا انقضى عمر آدم جاء ملك الموت قال : أو لم يبق من عمري أربعون سنة ؟ قال : أو لم تعطها ابنك داود ؟ قال : فجحد فجحدت ذريته ونسى آدم فنسيت ذريته وخطىء آدم فخطئت ذريته ] ثم قال الترمذي : ححسن صحيح وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم ورواه الحاكم في مستدركه من حديث أبي نعيم الفضل بن دكين وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وروي عن أبي حاتم من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعا فذكره وفيه : [ ثم عرضهم على آدم فقال : يا آدم هؤلاء ذريتك وإذا فيهم الأجذم والأبرص والأعمى وأنواع الأسقام فقال آدم : يا رب لم فعلت هذا بذريتي ؟ قال : كي تشكر نعمتي ] ثم ذكر قصة داود وستأتي من رواية ابن عباس أيضا وقال الإمام أحمد في مسنده : حدثنا الهيثم بن خارجه حدثنا أبو الربيع عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ خلق الله آدم حين خلقه فضرب كتفه اليمنى فأخرج ذريته بيضاء كأنهم الدر وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذريته سوداء كأنهم الحمم فقال للذي في يمينه : إلى الجنة ولا أبالي وقال للذي في كتفه اليسرى إلى النار ولا أبالي ] وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا خلف بن هشام : حدثنا الحكم بن سنان عن حوشب عن الحسن قال : خلق الله آدم حين خلقه فأخرج أهل الجنة من صحفته اليمني وأخرج أهل النار من صفحته اليسرى فألقوا على وجه الأرض منهم الأعمى والأصم والمبتلى فقال آدم : يا رب ألا سويت بين ولدي ؟ قال : يا آدم إني أردت أن أشكر وهكذا روي عبدالرزاق عن معمر عن قتادة عن الحسن بنحوه وقد رواه أبو حاتم وابن حبان في صحيحه فقال : حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا محمد بن بشار حدثنا صفوان بن عيسى حدثنا الحارث بن عبدالرحمن بن أبي ذباب عن سعبد المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال : الحمد لله فحمد الله بإذن الله فقال له ربه : يرحمك ربك يا آدم اذهب إلى أولئك الملائكة - إلى ملأ منهم جلوس - فسلم عليهم فقال : السلام عليكم فقالوا : وعليكم السلام ورحمة الله ثم رجع إلى ربه فقال : هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم وقال الله ويداه مقبوضتان : اختر أيهما شئت فقال : اخترت يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين مباركة ثم بسطهما فإذا فيهما آدم وذريته فقال : أي رب ما هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك وإذا كل إنسان منهم مكتوب عمره بين عينيه وإذا فيهم رجل أضوؤهم - أو من أضوئهم - لم يكتب له إلا أربعون سنة قال : يا رب من هذا ؟ قال : هذا ابنك داود وقد كتب الله عمره أربعين سنة قال : أي رب زد في عمره فقال : ذاك الذي كتب له قال : فإني قد جعلت له من عمري ستين سنة قال : أنت وذاك اسكن الجنة فسكن الجنة ما شاء الله ثم هبط منها وكان آدم يعد لنفسه فأتاه ملك الموت فقال له آدم : قد عجلت وقد كتب لي ألف سنة قال : بلى ولكنك جعلت لابنك داود منها ستين سنة فجحد آدم فجحدت ذريته ونسى فنسيت ذريته فيومئذ أمر بالكتاب والشهود ] هذا لفظه وقد قال البخاري : حدثنا عبدالله بن محمد حدثنا عبدالرزاق عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا ثم قال : اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة فاستمع ما يجيبونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك فقال : السلام عليكم فقالوا : السلام عليك ورحمة الله فزاده " ورحمة الله " فكل من يدخل الجنة على صورة آدم فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن ] وهكذا رواه البخاري في كتاب الاستئذان عن يحيى بن جعفر ومسلم عن محمد بن رافع كلاهما عن عبدالرزاق به وقال الإمام أحمد : حدثنا روح حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ كان طول آدم ستين ذراعا في سبع أذرع عرضا ] انفرد به أحمد وقال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال : لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ إن أول من جحد آدم إن أول من جحد آدم إن أول من جحد آدم إن الله لما خلق آدم مسح ظهره فأخرج منه ما هو ذارىء إلى يوم القيامة فجعل يعرض ذريته عليه فرآى فيهم رجلا يزهر قال : أي رب من هذا ؟ قال : هذا ابنك داود قال : أي رب كم عمره قال ستون عاما قال : أي رب زد في عمره قال:لا إلا أن أزيده من عمرك وكان عمر آدم ألف عام فزاده أربعين عاما فكتب الله عليه بذلك كتابا وأشهد عليه الملائكة فلما احتضر آدم أتته الملائكة لقبضه قال : إنه قد بقي من عمري أربعون عاما فقيل له : إنه قد وهبتها لابنك داود قال : ما فعلت وأبرز الله عليه الكتاب وشهدت عليه الملائكة ] وقال أحمد : حدثنا أسود بن عامر حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف ابن مهران عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ إن من جحد آدم - قالها ثلاث مرات - كإن الله عز و جل لما خلقه مسح ظهره فأخرج ذريته فعرضهم عليه فرأى فيهم رجلا يزهر فقال : أي رب زد في عمره قال : لا إلا أن تزيده أنت من عمرك فزاده أربعين سنة من عمره فكتب الله عليه كتابا وأشهد عليه الملائكة فلما أراد أن يقبض روحه قال : إنه بقي من أجلي أربعون سنة فقيل له : إنك قد جعلتها لابنك داود قال : فجحد قال : فأخرج الله الكتاب وأقام عليه البينة فأتمها لداود مائة سنة وأتم لآدم عمره ألف سنة ] تفرد به أحمد وعلي بن زيد في حديثه نكارة وروى الطبراني عن علي بن عبد العزيز عن حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس وغير واحد عن الحسن قال : لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ إن أول من جحد آدم - ثلاثا - ] وذكره وقال الإمام مالك بن أنس في موطئه عن زيد أبي أنيسة أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره عن مسلم بن يسار الجهني أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية : { وإذا أخذ بك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى } الآية فقال ابن الخطاب : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يسأل عنها فقال : [ إن الله خلق آدم عليه السلام ثم مسح ظهره بيمينه فاسخرج منه ذرتيه قال : خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية قال : خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون ] فقال رجل:يا رسول الله ففيم العمل؟قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:[ إذا خلق الله العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخل به الجنة وإذا خلق الله العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل أهل النار فيدخل به النار] وهكذا رواه الإمام أحمد و أبو داود و الترمذي و النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو حاتم و ابن حبان في صحيحه من طرق عن الإمام مالك به وقال الترمذي : هذا حديث حسن ومسلم بن يسار لم يسمع عمر وكذا قال أبو حاتم وأبو زرعة زاد أبو حاتم : وبينهما نعيم بن ربيعة وقد رواه أبو داود عن محمد بن مصفى عن بقية عن عمر بن جثعم عن زيد بن أبي أنيسة عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن مسلم بن يسار عن نعيم بن ربيعة قال : كنت عند عمر بن الخطاب وقد سئل عن هذه الآية فذكر الحديث قال الحافظ الدارقطني : وقد تابع عمر بن جعثم أبو فروة بن يزيد بن سنان الرهاوي عن زيد بن أبي أنيسة قال : وقولهما أولي بالصواب من قول مالك رحمه الله وهذه الأحاديث كلها دالة على استخراجه تعالى ذرية آدم من ظهره كالذر وقسمتهم قسمين:أهل اليمين وأهل الشمال وقال: [ هؤلاء للجنة ولا أبالي وهؤلاء للنار ولا أبالي ] فأما الإشهاد عليهم واستنطاقهم بالإقرار بالواحدانية فلم يجيء في الأحاديث الثابتة وتفسير الآية التي في سورة الأعراف وحملها على هذا فيه نظر كما بيناه هناك وذكرنا الأحاديث والآثار مستقصاة بأسانيدها وألفاظ متونها فمن أراد تحريره فليراجعه ثم والله أعلم * * * فأما الحديث الذي رواه أحمد : حدثنا حسين بن محمد وحدثنا جرير - يعني ابن حازم - عن كلثوم بن جبر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان يوم عرفة فأخرج من صلبه كل ذريته ذرأها فنثرها بين يديه ثم كلمهم قبلا قال : { ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك أباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون } ] فهو بإسناد جيد قوي على شرط مسلم رواه النسائي وابن جرير و الحاكم في مستدركه من حديث حسين بن محمد المروزي به وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه إلا أنه اختلف فيه على كلثوم بن جبر فروي عنه مرفوعا وموقوفا وكذا روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفا وهكذا رواه العوفي والوالبي والضحاك وأبو حمزة عن ابن عباس قوله وهذا أكثر وأثبت والله أعلم وهكذا روي عن عبد الله بن عمر موقوفا ومرفوعا والموقوف أصح * * * واستأنس القائلون بهذا القول - وهو أخذ الميثاق على الذرية وهم الجمهور - بما قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج حدثني شعبة عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة : لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مقتديا به ؟ قال : فيقول : نعم فيقول : قد أردت منك ما هو أهو من ذلك قد أخذت عليك في ظهر آدم ألا تشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك بي ] أخرجاه من حديث شعبة به وقال أبو جعفر الرازي : عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب في قوله تعالى : { وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم } الآية والتي بعدها قال : فجمعهم له يؤمئذ جميعا ما هو كائن منه إلى يوم القيامة فخلقهم ثم صورهم ثم استنطقهم فتكلموا وأخذ عليهم العهد والميثاق وأشهد عليهم أنفسهم : { ألست بربكم قالو بلى } الآية قال : فإني أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع وأشهد عليكم أباكم آدم ألا تقولوا يوم القيامة : لم نعلم بهذا اسمعوا أنه لا إله غيري ولا رب غيري ولا تشركوا بي شيئا وإني سأرسل إليكم رسلا ينذرونكم عهدي وميثاقي وأنزل عليكم كتابي قالوا : نشهد أنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك ولا إله لنا غيرك فأقروا يومئذ بالطاعة ورفع أباهم آدم فنظر إليهم فرأى فيهم الغني والفقير وحسن الصورة ودون ذلك فقال : يا رب لو سويت بين عبادك ؟ فقال : إني أحببت أن أشكر ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج عليهم النور وخصوا بميثاق آخر من الرسالة والنبوة فهو الذي يقول الله تعالى : { وإذا أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا } وهو الذي يقول : { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله } وفي ذلك قال : { هذا نذير من النذر الأولى } وفي ذلك قال : { وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين } رواه الأئمة : عبد الله بن أحمد وابن أبي حاتم وابن جرير و ابن مردويه في تفاسيرهم من طريق أبي جعفر وروى عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن البصري وقتادة والسدي وغير واحد من علماء السلف بسياقات توافق هذه الأحاديث * * * وتقدم أنه تعالى لما أمر الملائكة بالسجود لآدم امتثلوا كلهم الأمر الإلهي وامتنع إبليس من السجود له حسدا وعداوة له فطرده الله وأبعده وأخرجه من الحضرة الإلهية ونفاه عنها وأهبطه إلى الأرض طريدا ملعونا شيطانا رجيما وقد قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ويعلي ومحمد ابنا عبيد قالوا : حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول : يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار ] ورواه مسلم من حديث وكيع وأبي معاوية عن الأعمش به ثم لما أسكن آدم الجنة التي أسكنها - سواء أكانت في السماء أم في الأرض على ما تقدم من الخلاف فيه - أقام بها هو وزوجته حواء عليهما السلام يأكلان منها رغدا حيث شاءا فلما أكلا من الشجرة التي نهيا عنها سلبا ما كانا فهي من اللباس وأهبطا إلى الأرض وقد ذكرنا الإختلاف في مواضع هبوطه منها واختلفوا في مقدار مقامه في الجنة : فقيل بعض يوم من أيام الدنيا وقد قدمنا ما رواه مسلم عن أبي هريرة مرفوعا : [ وخلق آدم في آخر ساعة من ساعات يوم الجمعة ] وتقدم أيضا حديثه عنه وفيه - يعني يوم الجمعة - [ خلق آدم وفيه أخرج منها ] فإن كان اليوم الذي خلق فيه أخرج فيه - وقلنا إن الأيام الستة كهذه الأيام - فقد لبث بعض يوم من هذه وفي هذا نظر وإن كان إخراجه في غير اليوم الذي خلق فيه أو قلنا بأن تلك الأيام مقدارها ستة آلاف سنة كما تقدم عن ابن عباس ومجاهد والضحاك واختاره ابن جرير فقد لبث هناك مدة طويلة قال ابن جرير : ومعلوم أنه خلق في آخر ساعة من يوم الجمعة والساعة منه ثلاثة وثمانون سنة وأربعة أشهر فمكث مصورا طينا قبل أن ينفخ فيه الروح أربعين سنة وأقام في الجنة قبل أن يهبط ثلاثا وأربعين سنة وأربعة أشهر والله تعالى أعلم وقد روي عبد الرزاق عن هشام بن حسان عن سوار خبر عطاء بن أبي رباح : أنه كان لما أهبط رجلاه في الأرض ورأسه في السماء فحطه الله إلى ستين ذراعا وقد روى عن ابن عباس نحوه وفي هذا نظر لما تقدم من الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : [ إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن ] وهذا يقتضي أنه خلق كذلك لا أطول من ستين ذراعا وأن ذريته لم يزالوا يتناقص خلقهم حتى الآن وذكر ابن جرير عن ابن عباس : أن الله قال : يا آدم إن لي حرما بحيال عرشي فانطلق فابن لي فيه بيتا فطف به كما تطوف ملائكتي بعرشي وأرسل الله له ملكا فعرفه مكانه وعلمه المناسك وذكر أن موضع كل خطوة خطاها آدم صارت قربة بعد ذلك وعنه : أن أول طعام أكله آدم في الأرض أن جاءه جبريل بسبع حبات من حنطة فقال : ما هذا ؟ قال : هذا من الشجرة التي نهيت عنها فأكلت منهاه فقال : وما أصنع بهذا ؟ قال : ابذره في الأرض فبذره وكان كل حبة منها زنتها أزيد من مائة ألف فنبتت فحصده ثم درسه ثم ذراه ثم طحنة ثم عجنه ثم خبزه فأكله بعد جهد عظيم وتعب ونكد وذلك قوله تعالى : { فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى } وكان أول كسوتهما من شعر الضأن : جزاه ثم غزلاه فنسج آدم له جبة ولحواء درعا وخمارا واختلفوا:هل ولد لهما بالجنة شيء من الأولاد ؟ فقيل:لم يولد لهما إلا في الأرض وقيل : بل ولد لهما فيها فكان قابيل وأخته ممن ولد بها والله أعلم وذكروا أنه كان يولد له في كل بطن ذكر وأنثى وأمر أن يزوج كل ابن أخت أخيه التي ولدت معه والآخر بالأخرى وهلم جرا ولم يكن تحل أخت لأخيها الذي ولدت معه ذكر قصة ابني آدم : قابيل وهابيل قال الله تعالى : { واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين * لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين * إني أريد أن تبوء يإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين * فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين * فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين } وقد تكلمنا على هذه القصة في سورة المائدة في التفسير بما فيه كفاية ولله الحمد ولنذكر هنا ملخص ما ذكره أئمة السلف في ذلك : فذكرالسدي عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة أن آدم كان يزوج ذكر كل بطن بأثنى الآخر وأن هابيل أراد أن يتزوج بأخت قابيل وكان أكبر من هابيل وأخت هابيل أحسن فأراد قابيل أن يستأثر بها على أخيه وأمره آدم عليه السلام أن يزوجه إياها فأبى فأمرهما أن يقربا قربانا وذهب آدم ليحج إلى مكة واستحفظ السموات على بنيه فأبين والأرضين والجبال فأبين فتقبل قابيل بحفظ ذلك فلما ذهب قربا قربانهما فقرب هابيل جذعة سمينة وكان صاحب غنم وقرب قابيل حزمة من زرع من ردىء زرعه فنزلت نار فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل فغضب وقال : لأقتلنك حتى لا تنكح أختي فقال : إنما يتقبل الله من المتقين وروى عن ابن عباس من وجوه آخر وعن عبد الله بن عمرو وقال عبد الله بن عمرو وأيم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين ولكن منعه التحرج أن يبسط إليه يده ! وذكر أبو جعفر الباقر أن آدم كان مباشرا لتقريبهما القربان والتقبل من هابيل دون قابيل فقال قابيل لآدم إنما تقبل منه لأنك دعوت له ولم تدع لي وتوعد أخاه فيما بينه وبينه فلما كان ذات ليلة أبطأ هابيل في الرعي فبعث آدم أخاه قابيل لينظر ما بطأ به فلما ذهب إذا هو به فقال له : تقبل منك ولم يتقبل مني فقال : إنما يتقبل الله من المتقين فغضب قابيل عندها وضربه بحديدة كانت معه فقتله وقيل : إنه إنما قتله بصخرة رماها على رأسه وهو نائم فشدخته وقيل : بل خنقه خنقا شديدا وعضه كما تفعل السباع فمات والله أعلم وقوله لما توعده بالقتل : { لئن بسطت إلي بيدك لتقتلي ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين } دل على خلق حسن وخوف من الله تعالى وخشية منه وتورع أن يقابل أخاه بالسوء الذي أراد منه أخوه مثله ولهذا ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار : قالوا : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : إنه كان حريصا على قتل صاحبه ] وقوله : { إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين } أي إني أريد ترك مقاتلتك وإن كنت أشد منك وأقوى إذ قد عزمت علي ما عزمت عليه أن تبوء بإثمي وإثمك أي تتحمل إثم قتلي مع مالك من الآثام المتقدمة قبل ذلك قاله مجاهد والسدي وابن جرير وغير واحد وليس المراد أن آثام المقتول تتحول بمجرد قتله إلى القاتل كما قد توهمه بعض الناس فإن ابن جرير حكى الإجماع على خلاف ذلك وأما الحديث الذي يورده بعض من لا يعلم عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ ترك القاتل على المقتول من ذنب ] فلا أصل له ولا يعرف في شيء من كتب الحديث بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف أيضا ولكن قد يتفق في بعض الأشخاص يوم القيامة أن يطالب المقتول القاتل فتكون حسنات القاتل لا تفي بهذه المظلمة فتحول من سيئات المقتول إلى القاتل كما ثبت بن الحديث الصحيح في سائر المظالم والقتل من أعظمها والله أعلم وقد حررنا هذا كله في التفسير ولله الحمد وقد روي الإمام أحمد و أبو داود و الترمذي عن سعد بن أبي وقاص أنه قال عند فتنة عثمان بن عفان : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي ] قال : أفرأيت إن دخل علي بيتي فبسط إلي ليقتلني قال : [ كن كابن آدم ] ورواه ابن مردويه عن حذيفة بن اليمان مرفوعا وقال : [ كن كخير ابني آدم ] وروى مسلم وأهل السنن إلا النسائي عن أبي ذر نحو هذا وأما الآخر فقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ووكيع قالا : قال : حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل ] ورواه الجماعة سوى أبي داود من حديث الأعمش به وهكذا روى عن عبد الله بن عمرو ابن العاص وإبراهيم النخعي أنهما قالا مثل هذا سواء وبجبل قاسيون شمالي دمشق مغارة يقال لها مغارة الدم مشهورة بأنها المكان الذي قتل قابيل أخاه هابيل عندها وذلك مما تلقوه عن أهل الكتاب فالله أعلم بصحة ذلك وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة أحمد بن كثير - وقال : إنه كان من الصالحين - أنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم وأبا بكر وعمر وهابيل وأنه استخلف هابيل أن هذا دمه فحلف له وذكر أنه سأل الله تعالى أن يجعل هذا المكان يستجاب عنده الدعاء فأجابه إلى ذلك وصدقه في ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : إنه وأبا بكر وعمر يزورون هذا المكان في كل يوم خميس وهذا منام لوصح عن أحمد بن كثير هذا لم يترتب عليه حكم شرعي والله أعلم وقوله تعالى : { فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوأة أخي فأصبح من النادمين } ذكر بعضهم أنه لما قتله حلمه على ظهره سنة وقال آخرون حمله مائة سنة ! ولم يزل كذلك حتى بعث الله غرابين قال السدي بإسناده عن الصحابة : أخوين فتقاتلا فقتل أحدهما الآخر فلما قتله عمد إلى الأرض يحفر له فيها ثم ألقاه ودفنه وواراه فلما رآه يصنع ذلك { قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي } ففعل مثل ما فعل الغراب فواراه ودفنه وذكر أهل التواريخ والسير أن آدم حزن على ابنه هابيل حزنا شديدا وهذا الشعر فيه نظر وقد يكون آدم عليه السلام قال كلاما يتحزن به بلغته فألفه بعضهم إلى هذا وفيه أقوال والله أعلم وقد ذكر مجاهد أن هابيل عوجل بالعقوبة يوم قتل أخاه فتعلقت ساقه إلى فخذه وجعل وجهه إلى الشمس كيفما دارت تنكيلا به وتعجيلا لذنبه وبغيه وحسده لأخيه لأبويه وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ ما من ذنب أجدر أن يجعل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ] أولاد آدم عليه السلام والذي رأيته في الكتاب الذي بأيدي أهل الكتاب الذين يزعمون أنه التوراة : أن الله عز و جل أجله وأنظره وأنه سكن في أرض " نود " في شرقي عدن وهم يسمونه " قنين " وأنه ولد له خنوخ ولخنوخ عندر ولعندر محاويل ولمحاويل متوشيل ولمتوشيل لامك وتزوج هذا امرأتين : عدا وصلا فولدت " عدا " ولدا اسمه " أبل " وهو أول من سكن القباب واقتني المال وولد أيضا " نوبل " وهو أول من أخذ في ضرب الونج والصنج وولدت " صلا " ولدا اسمه " توبلقين " وهو أول من صنع النحاس والحديد وبنتا اسمها " نعمى " وفيها أيضا أن آدم طاف على امرأته فولدت غلاما ودعت اسمه " شيث " وقالت : من أجل أنه قد وهب لي خلفا من هابيل الذي قتله قابيل وولد لشيث أنوش قالوا : وكان عمر آدم يوم ولد شيث مائة وثلاثون سنة وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وكان عمر شيث يوم ولد له أنوش مائة وخمسا وستين وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وسبع سنين وولد له بنون وبنات غير أنوش فولد لأنوش " قينان " وله من العمر تسعون سنة وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وخمس عشرة سنة وولد له بنون وبنات فلما كان عمر قينان سبعين سنة ولد له مهلاييل وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وأربعين سنة وولد له بنون وبنات فلما كان لمهلاييل من العمر خمس وستون سنة ولد له"يرد"وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وولد له بنون وبنات فلما كانليرد مائة سنة واثنتان وستون سنة ولد له " خنوخ " وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وولد له بنوت وبنات فلما كان لخنوخ خمس وستون سنة ولد له متوشلخ وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وولد له بنون وبنات فلما كان لمتوشلخ مائة وسبع وثمانون سنة ولد له " لامك " وعاش بعد ذلك سبعمائة واثنين وثمانين سنة وولد له بنون وبنات فلما كان للامك من العمر مائة واثنتان وثمانون سنة ولد له" نوح"وعاش بعد ذلك خمسمائة وخمسا وتسعين سنة وولد له بنون وبنات فلما كان لنوح خمسمائة سنة ولد له بنون : سام وحام ويافث وهذا مضمون ما في كتابهم صريحا وفي كون هذه التواريخ محفوظة فيما نزل من السماء نظر كما ذكره غير واحد من العلماء طاعنين عليهم في ذلك والظاهر أنها مقحمة فيها ذكرها بعضهم على سبيل الزيادة والتفسير وفيها غلط كثير كما سنذكره في مواضعه إن شاء الله تعالى وقد ذكر الإمام أبو جعفر بن جرير في تاريخه عن بعضهم : أن حواء ولدت لآدم أربعين ولدا في عشرين بطنا قال ابن إسحاق وسماهم والله أعلم وقيل مائة وعشرين بطنا في كل واحد ذكر وأنثى أولهم قابيل وأخته قليما وآخرهم عبد المغيث وأخته أم المغيث ثم انتشر الناس بعد ذلك وكثروا وامتدوا في الأرض ونموا كما قال تعالى:{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء } وقد ذكر أهل التاريخ أن آدم عليه السلام لم يمت حتى رأى من ذريته من أولاده وأولاد أولاده أربعمائة ألف نسمة والله أعلم وقال تعالى : { هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين * فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون } الآيات فهذا تنبيه أولا بذكر آدم ثم استطرد إلى الجنس وليس المراد بهذا ذكر آدم وحوله بل لما جرى ذكر الشخص استطرد إلى الجنس كما في قوله تعالى : { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين } قال تعالى : { ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين } ومعلوم أن رجوم الشياطين ليست هي أعيان مصابيح السماء وإنما استطرد من شخصها إلى جنسها * * * فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد حدثنا عمر بن إبراهيم حدثنا قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال : سميه عبد الحارث فإنه يعيش فسمته عبد الحارث فعاش وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره ] وهكذا رواه الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم و ابن مرودويه في تفاسيرهم عند هذه الآية وأخرجه الحاكم في مستدركه كلهم من حديث عبد الصمد بن عبد الوارث به فقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الترمذي : حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر ابن إبراهيم وراه بعضهم عن عبد الصمد ولم يرفعه فهذه علة قادحة في الحديث أنه روى موقوفا على الصحابي وهذا أشبه والظافر أنه تلقاه من الإسرائيليات وهكذا روى موقوفا عن ابن عباس والظاهر أن هذا متلقى عن كعب الأحبار وذويه والله أعلم وقد فسر الحسن البصري هذه الآيات بخلاف هذا فلو كان عنده عن سمرة مرفوعا لما عدل منه إلى غيره والله أعلم وأيضا فالله تعالى إنما خلق آدم وحواء فيكونا أصل البشر وليبث منهما رجالا كثيرا ونساء فكيف كان حواء لا يعيش لها ولد ذكر في هذا الحديث إن كان محفوظا ؟ والمظنون بل المقطوع به أن رفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم خطأ والصواب وقفه والله أعلم وقد حررنا هذا في كتابنا التفسير ولله الحمد ثم قد كان آدم وحواء أتقى لله مما ذكر عنهما في هذا فإن آدم أبو البشر الذي خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء وأسكنه جنته وقد روى ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر قال : قلت : يارسول الله كم الأنبياء ؟ قال : [ مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا ] قلت : يا رسول الله كم الرسل منهم ؟ قال : [ ثلاثمائة وثلاثة عشر : جم غفير ] قلت : يا رسول الله من كان أولهم ؟ قال : " آدم " قلت : يا رسول الله نبي مرسل ؟ قال : [ نعم خلقه الله بيده ثم نفخ فيه من روحه ثم سواه قبلا ] وقال الطبراني : حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا نافع ابن هرمز عن عطاء بن رباح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ ألا أخبركم بأفضل الملائكة : جبريل وأفضل النبيين آدم وأفضل الأيام يوم الجمعة وأفضل الشهور شهر رمضان وأفضل الليالي ليلة القدر وأفضل النساء مريم بنت عمران ] وهذا إسناد ضعيف فإن نافعا أبا هرمز كذبه ابن معين وضعفه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم و ابن حبان وغيرهم والله أعلم وقال كعب الأحبار : ليس أحد في الجنة له لحية إلا آدم لحيته سوداء إلى سرته وليس أحد يكنى في الجنة إلا آدم كنيته في الدنيا أبو البشر وفي الجنة أبو محمد وقد روى ابن عدي من طريق شيخ ابن أبي خالد عم حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله مرفوعا : أهل الجنة يدعون بأسمائهم إلا آدم فإنه يكنى أبا محمد ورواه ابن عدي أيضا من حديث علي بن أبي طالب وهو ضعيف من كل وجه والله أعلم وفي حديث الإسراء الذي في الصحيحين : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما مر بآدم وهو في السماء الدنيا قال له : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح وقال : وإذا كان يمينه أسودة وعن يساره أسودة فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى فقلت : يا جبريل ما هذا ؟ قال : هذا آدم وهؤلاء نسم بينه فإذا نظر قبل أهل اليمين - وهم أهل الجنة - ضحك وإذا نظر قبل أهل الشمال - وهم أهل النار- بكى وهذا معنى الحديث وقال أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن المثنى حدثني يزيد بن هارون أنبأنا هشام بن حسان عن الحسن قال : كان عقل آدم مثل عقل جميع ولده وقال بعض العلماء في قوله صلى الله عليه و سلم : [ فمررت بيوسف وغذا هو قد أعطى شطر الحسن ] قالوا : معناه أنه كان على النصف من حسن آدم عليه السلام وهذا مناسب فإن الله خلق آدم وصوره بيده الكريمة ونفخ فيه من روحه فما كان ليخلق إلا أحسن الأشياء وقد روينا عن عبد الله عن عمر وابن عمر أيضا موقوفا ومرفوعا : أن الله تعالى لما خلق الجنة قالت الملائكة : يا ربنا اجعل لنا هذه فإنك خلقت لبني آدم الدنيا يأكلون فيها ويشربون فقال الله تعالى : وعزتي وجلالي لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان وقد ورد الحديث المروي في الصحيحين وغيرهما من طرق : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ إن الله خلق آدم على صورته ] وقد تكلم العلماء على هذا الحديث فذكروا فيه مسالك كثيرة ليست هذا موضع بسطها والله أعلم ذكر وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث عليه السلام ومعنى " شيث " هبة الله وسماه بذلك لأنهما رزقاه بعد أن قتل هابيل قال أبو ذر في حديثه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ إن الله أنزل مائة صحيفة وأربع صحف على شيث خمسين صحيفة ] قال محمد بن إسحاق : ولما حضرت آدم الوفاة عهد إلى ابنه شيث وعلمه ساعات الليل والنهار وعلمه عبادات تلك الساعات وأعلمه بوقوع الطوفان بعد ذلك قال : ويقال : إن أنساب بني آدم اليوم كلها تنتهي إلى شيث وسائر أولاد آدم غيره انقرضوا وبادوا والله أعلم ولما توفي آدم عليه السلام - وكان ذلك يوم الجمعة - جاءته الملائكة بحنوط وكفن - من عند الله عز و جل - من الجنة وعزوا فيه ابنه ووصيه شيثا عليه السلام قال ابن إسحاق : وكسفت الشمس والقمر سبعة أيام بلياليهن وقد قال عبد الله ابن الإمام أحمد : حدثنا هدبة بن خالد حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن يحيى - هو ابن ضمرة السعدي - قال : رأيت شيخا بالمدينة يتكلم فسألته عنه فقالوا : هذا أبي بن كعب فقال : إن آدم لما حضره الموت قال لبنيه : أي بني إني أشتهي من ثمار الجنة قال : فذهبوا يطلبون له فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل فقالوا لهم : يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون ؟ - أو ما تريدون ؟ وأين تطلبون ؟ - قالوا : أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة فقالوا لهم : ارجعوا فقد قضي أبوكم فجاءوا فلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم فقال : إليك عني فإني إنما أتيت من قبلك فخلى بيني وبين ملائكة ربي عز و جل فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه وحفروا له ولحدوه وصلوا عليه ثم أدخلوه قبره فوضوه في قبره ثم حثوا عليه ثم قالوا : يا بني آدم هذه سنتكم ( إسناد صحيح إليه ) وروى ابن عساكر من طريق شيبان بن فروخ عن محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ كبرت الملائكة على آدم أربعا وكبر أبو بكر على فاطمة أربعا وكبر عمر على أبي بكر أربعا وكبر صهيب على عمرا أربعا ] قال ابن عساكر : ورواه غيره عن ميمون فقال : عن ابن عمر واختلفوا في موضع دفنه فالمشهور أنه دفن عند الجبل الذي أهبط فيه في الهند وقيل بجبل أبي قبيس بمكة ويقال إن نوحا عليه السلام لما كان زمن الطوفان حمله هو وحواء في تابوت فدفنهما ببيت المقدس حكى ذلك ابن جرير [/color:aec | |
|