الإخوان المسلمون في سوريا عرض تاريخيدخلت حركة الإخوان في سوريا في ثلاثة منعطفات تاريخية: 1) منذ تأسيسها
عام 1945 حتى سيطرة البعث في عام 1963 حيث كانت حركة إصلاحية اجتماعية
وسياسية تسعى إلى تحقيق الهوية الإسلامية في سوريا ومن ثم تطبيق الشريعة من
خلال الوسائل الدعوية والعمل السياسي داخل النظام القائم وهذا يعني
مشاركتهم في الانتخابات والبرلمانات والحكومات. 2) وبعد 1963 تحولت الحركة
تدريجيًا لتصبح تنظيمًا ثوريًا يهدف إلى الإطاحة بالبعث وإقامة الدولة
الإسلامية من خلال الصراع المسلح، الأمر الذي انتهى بهزيمتهم على أيدي
النظام في 1982.
3) بعد ذلك تم حظر الجماعة في سوريا وبقيت قياداتها في المنفى في
غرب أوروبا، ثم تحولت الحركة بعد ذلك إلى حركة إصلاحية سنية لا تهدف إلى
العنف وتدعي قيادتها للمعارضة السورية ضد نظام الأسد كما أنها تعد بالتغيير
وبناء دولة ديمقراطية إسلامية تعتمد على الوسائل الديمقراطية كأساس لها.
لقد تمت هذه التحولات الدرامية والاستراتيجية في توجه الجماعة بفعل بعد
الصراعات الاجتماعية والجغرافية وصراعات الأجيال على مستوى القيادة. ويتمثل
هذا في جناحي التوتر التاريخيين داخل الجماعة. فقد بدا جناح دمشق من
الطبقة الوسطي المحافظة المعتدلة سياسيًا والتي تتبعت وصايا حسن البنا
وسارت عليها في دعوتها وهى كذلك تعتمد على التسوية مع القوى الموجودة على
الساحة، تولى هذا الجناح قيادة الجماعة حتى السبعينات. لكن تهدد وجود هذه
القيادة بالجناح الآخر للإخوان في شمال البلاد حيث كانت مدينتي حماة وألبو
الذين تمتعوا بفرط الحماسة ( لقد أثبتت حماة همة عالية ضمن المراكز المؤثرة
في الصراع الوطني ضد الحماية الفرنسية على البلاد، ثم هي كذلك تشكل أول
خطر إسلامي مسلح ضد النظام البعثي في عام 1964). لقد أنتج الجناح الشمالي
للإخوان في سوريا بين الستينات والسبعينات جيلاً مسلحًا تدفعه أفكار
راديكالية أسسها سيد قطب إضافةً إلى تأثرهم بالثورة الإيرانية. قاد هذا
الجيل جماعة الإخوان في سوريا في 1972 ومن ثم أعلن صيحة الجهاد ضد النظام
البعثي (1976-1982). وبالفعل تأثرت الحركة التي أبدت تنظيمًا جيدًا هناك
بالعديد من الهزائم التي لحقت صفوفها ومنها تصفية تهجير قادتها إلى الخارج
مما عدّل من رؤيتها التي باتت معتدلةً إلى حد ملحوظ.
وتحت قيادة مراقبهم العام على صدر الدين البيانوني الذي تم ترشيحه
للمنصب عام 1996 ثم تم التجديد له مرتين متعاقبتين (وهو أصلاً من ألبو)،
تحولت استراتيجية الحركة لتهيئة الأوضاع لاستقبال قادتها من الغرب والسماح
لهم قانونيًا بممارسة شئونهم وحركتهم. وفرضت هذه الحركة الاحتكاك غير
المباشر والنظام الذي أفرج عن العديد من الآلاف المعتقلين من قيادة
الجماعة، في خطوة أراد بشار أن يثبت بها بعد قدومه للسلطة السياق الانفتاحي
الذي ستتمتع به مرحلته. لكن ما لبث هذا الانفتاح أن تلاشى من ربيع دمشق
حيث ساءت العلاقات بين النظام السوري والغرب وبدأت فكرة استبدال النظام
السوري تأخذ حيزها في الغرب في عام 2004، وما كان من الإخوان في هذا السياق
إلا أن حاولوا إقناع الشعب من ناحية والحكومات الغربية من ناحية أخرى أنهم
ربما كانوا خير من يخلف النظام البعثى في الأخذ بزمام الأمور في البلاد.
لقد حاولت الحركة إذًا أن تنحي ماضيها العنيف وترسم لها صورة مشرقة في
سوريا وفي الغرب على قدم المساواة وكأنها حركة سياسية تدعم الديمقراطية
الليبرالية والتعددية السياسية والأيديولوجية وهى قادرةً حقًا على قيادة
البلاد إذا ما رحل النظام القائم. لقد حاولت الحركة جاهدةً أن تؤكد على
دعمها للديمقراطية المتفق عليها ولسوف تتعاون مع جماعات عرقية دينية
وسياسية في سوريا مؤكدةً على أن نهاية حكم البعث هناك لن يحدث فوضى في
البلاد أبدًا، ثم هي تؤكد بنفس الدرجة على أن حيازة الإخوان للسلطة في
البلاد لا يعني تحول سوريا إلى دولة إسلامية تحارب إسرائيل من فورها.
الأهدافتنقسم أهداف الإخوان في سوريا إلى قسمين: أحدها ميراث وعقيدة الإخوان
القديمة الموروثة عن حسن البنا، والقسم الثاني الذي يتعرض للأحوال الأهداف
والطموحات والعقبات التي تتعرض لها الحركة واقعيًا وهى الطبقة التي يقودها
"الإخوان الجدد". وجدت الطبقة القديمة في تراث حركة الإخوان ما يدعمها
بالصفة الرسمية في مناحي الهوية والأساسيات والأهداف والوسائل كما هو معروض
على موقعها الرسمي الحالي. وهذا البيان أشبه ما يكون كنسخة من بيان الحركة
في مصر تمامًا كما أسسها حسن البنا مع إضفاء بعض التعديلات الطفيفة. (فعلى
سبيل مثال "الإخوان الجدد" و"الجيل الثاني" في مدرسة إخوان مصر، لم يقل
إخوان سوريا بأنهم هم المجتمع الإسلامي لكنهم وصوفوا أنفسهم بأنهم جماعة من
المسلمين تدعوا لتحكيم شرع الله وأن تكون الحياة تبعًا لما جاء في القرآن
والسنة). كما تبعت الحركة وصف حسن البنا للجماعة فباتت تؤكد كذلك على أنها
جماعة إصلاحية ودعوة سلفية وحقيقة صوفية وهيئة سياسية وجماعة رياضية ورابطة
علمية ثقافية وشركة اقتصادية وفكرة اجتماعية.
لقد تمركزت أهداف الجماعة على مستواها العام فيما قاله حسن البنا
كما تم اقتباسه: تشكيل الفرد المسلم الذي يقود البيت المسلم الذي يسعى بلا
شك في تحقيق المجتمع المسلم الذي يختار الحكومة المسلمة التي تطبق الشريعة
وتسعى لأن تكون نواةً لدولة إسلامية تقود البلاد الإسلامية وتجمع شتات
المسلمين وتعيد أراضيهم السليبة كما تسعى لتشكيل الدولة الإسلامية العالمية
أو الولايات الإسلامية المتحدة. هذا ويؤكد البنا على أن تشكيل الحكومة
الإسلامية يكون من أسفل إلى أعلى، وينصح الإخوان ألا يحاولوا الوصول للسلطة
إلا إذا تم أسلمة المجتمع وأعيدت تربيته. فإذا تمت أسلمة الشعب بالشكل
الكافي، فسيختار هذا المجتمع الحكومة الإسلامية من صلب معتقداته.
رؤية الدولة السورية في المستقبللقد أحست حركة الإخوان في سوريا بعد تهجير معظم قادتها في الغرب بحاجتها
الماسة أكثر من أي حركة أخرى في الوطن العربي، أحست بعظم حاجتها لتسوية
رؤاها والتطورات التي أثرت على الفكرة الإسلامية وسوريا منذ بزوغ هذه
المرحلة الحالية وخاصةً فيما يتعلق بأحداث الحادي عشر من سبتمبر ودواعيها
وجهود الغرب لتحقيق الديمقراطية في الشرق الأوسط واحتلال أمريكا للعراق
والتقسيمات الإقليمي التي قام بها الاحتلال. لقد أسهمت هذه الأحداث بالفعل
في تشكيل خطاب الإخوان في سوريا ومن ثم رؤيتهم للدولة الإسلامية
واستراتيجية تكوينها، فكان "المشروع الحضاري لسوريا المستقبل" الذي تم نشره
في ديسمبر 2004. وقد ركز هذا المشروع على سوريا وحدها "القطر العربي
السوري" ليؤكد على تركيز الإخوان في سوريا وليس على مستوى تشكيل الدولة
الإسلامية العالمية لتكون هي مرجعهم (مثل ما يركز عليه الجيل الثاني من
الإخوان في مصر). ويشير توقيت نشر المشروع إلى أن الإخوان قد اختاروا
بالفعل العمل في الإصلاح السياسي داخل سوريا دون أدنى تعاون مع قوات أجنبية
تسعى لتغيير النظام القائم.
وتقول الوثيقة بأن حركة الإخوان في سوريا قد باتت في مرحلة تجديد،
فهي الآن تقيم الماضي وترى الحاضر وتحاول النظر للمستقبل. كما تحاول حركة
الإخوان سلك طريق الحركة الوسطية التي تجمع بين سعيها لتطبيق الشريعة
الإسلامية بالاعتماد على أصول الدين ومبادئه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى
تحاول تحقيق التجربة البشرية، وهو ما يعكس تدخل الشيخ يوسف القرضاوى بهذه
المنهجية إذ أنه خير من يمثل الوسطية والطريق الوسط. وتبدو نقطة المفارقة
في المشروع من أصول ومعتقدات الإسلام المتجدد الذي تتفاعل نصوصه المقدسة
وأصوله العامة مع الحياة الواقعية من أجل الوصول لمرامي الشعب واهتماماته
في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية.
وتقول الوثيقة بأن مصدر المشروع قد نبع أساسًا من القرآن وسنة النبي
محمد. ويحاول المشروع إعادة قراءة النصوص الشرعية من أجل استعادة التناغم
بين الرؤية الشرعية وسوريا كدولة عربية. ويعتبر المشروع الدين الإسلامي
كدين شامل يشتمل كافة مناهج الحياة وخصائصها بما في ذلك الجانب الروحاني
والثقافي والاقتصادي والسياسي. ومن أجل تطبيق الإسلام في الواقع المعاش،
لابد إذًا من الأخذ في الاعتبار أقسام الفقه التي تتعامل مع الأولويات "فقه
الأولويات" وكذلك تلك التي تتعامل مع الميزات والعيوب "فقه الموازنات"
والتفريق بين النصوص الحتمية ثابتة الحكم الواردة في القرآن والسنة وبين
الاجتهادات القديمة والحديثة التي تخضع للمناقشة وهى إذًا غير مقدسة.
فالحكم لله وحده، لكن تأخذ الأحكام الربانية شكل المبدأ العام الذي
يمكن للمسلمين أن يجتهدوا تبعًا له. لقد خلق الله الإنسان ليكون خليفته في
الأرض ليغير فيها ويعمرها. كما أسس القرآن لحرية الاعتقاد حيث قال "ولو شاء
ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعًا"، وإذا كان الإسلام يتيح هذا النوع من
الحرية الدينية، فما سواه من الحريات سيكون إذًا أكثر إتاحة. كما يؤكد
الإسلام ويحث على التعددية، لذا قال الله "إنا خلقناكم من ذكر وأنثى
وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا"، "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة".
ويقع مبدأ الشورى في أعلى قمة مفاهيم الحياة السياسية الإسلامية،
كما تستمد الحكومة البرلمانية الانتخابية شرعيتها من الانتخابات الحرة
النزيهة التي تأتي كوسيلة عملية حضارية لتطبيق هذا المبدأ. لذا كانت مبادئ
الحكومة الدستورية متوافقةً أشد التوافق مع الأهداف العامة للشريعة، تلك
التي تتمثل في العدالة والمساواة والشورى. فلقد أسس الرسول مبدأ المساواة
بين المواطنين المسلمين وغير المسلمين حيث أعطى لليهود حقوقهم البشرية
والمدنية كما هو مبين في وثيقة المدينة الشهيرة.
لذا تتأسس الدولة على:
- الإسلام الذي يمثل الأصول العامة وهو بمثابة المرجعية للدولة الحديثة "خصوصياتنا الإسلامية" التي يدعو الإخوان لتأسيسها.
- الصبغة التعاقدية بين الحاكم والرعية.
- التعددية السياسية داخل الحدود القانونية للدستور، حيث تلعب قوى
المعارضة ومنظمات المجتمع المدني دورًا فاعلاً في مراقبة السلطة التنفيذية.
- تداول السلطة عبر انتخابات حرة نزيهة.
- الفصل بين السلطات وحكم القانون.
فطبقًا للمشروع، ليست الدولة الإسلامية دولةً دينية أو حكومة دينية.
فليس هناك من عصمة بعد الرسول محمد كما أنه ليس هناك بطبقة كهنوتية في
الإسلام، فالشعب أصبح مصدر السلطات وإليه يوكل انتخاب واختيار الإمام وعليه
تنعقد البيعة، ليكون ذلك من أهم سلطات الأمة. والجدير بالذكر عدم سعي
الإخوان لإقامة دولة دينية، لكنهم ينادون بدولة مدنية ذات خلفية ثقافية
إسلامية. لقد سعى الإخوان في سوريا على خطى الجيل الثاني من الإخوان في
مصر وحزب الوسط حينما اختار هذه الصيغة التي احتبست المخاوف من إقامة دولة
دينية كهنوتية إسلامية. كما ينبغي على الدستور أن يؤكد على الهوية العربية
والإسلامية للمجتمع السوري:
فالإسلام هو دين الدولة ومصدر التشريع فيها وأعلى مصدر سلطوي فيها
في حين يشكل الشعب كذلك مصدر السلطات فيها، والنظام القائم هو نظام جمهوري
ديمقراطي يعتمد على الشورى ويراعى حرية الاعتقاد وتشكيل الأحزاب السياسية.
(ملحوظة: بدا أمر حرية تشكيل الأحزاب السياسية هذا محدودًا بشرط ما، حيث
نصت التعددية السياسية أن تكون في إطار الحدود القانونية للدستور، وهذا ما
يعني منع الأحزاب التي لا تتوافق عقيدتها والدستور فربما كانت علمانية أو
دهرية). كما يؤكد المشروع على أن النساء يقعن في مرتبة سواء مع الرجال أمام
القانون الإسلامي غير بعض الحالات الاستثنائية. فإذا كرست النساء عملها في
المنزل وتربية النشأ، فهذا لا يعني انتقاص حقها البشري. فليس هناك ما يمنع
المرأة من المشاركة في كافة أمور الحياة، إذ يمكنها التصويت والانتخاب أو
الترشيح في حدود الولاية العامة.
استراتيجية الصراعلقد استهدف الإخوان في سوريا تلطيف الأجواء بين حركات المعارضة السورية
قاطبةً والجاليات العربية غير السنية في سوريا وخاصةً فيما يخص النوايا
الحقيقية التي يضمرونها (يشكل العرب السنة في سوريا نسبةً أقل من 70
بالمائة من جملة الشعب السوري). هذا وقد أعلنت الحركة وأكدت على أنها لن
تكون ممثلة للمجتمع الإسلامي أو الأمينة على الإسلام هناك، بل ستعمل وفق
هذا المشروع الذي يستهدف الحوار الفكري الاجتماعي السياسي بين كافة الفصائل
الدينية القائمة. وقد أكدت الحركة على اتباع منهج التدرج في عرض الأمور
الدينية وتطبيقها في واقع الحياة. كما أوضحت الحركة استعدادها للتعاون مع
الحركات القومية الأخرى انطلاقًا من القواسم المشتركة التي تجمع بينهما،
ومن بينها الاعتراف بالتعددية الدينية العرقية الثقافية الفكرية السياسية
ورفض العنف كوسيلة للتغيير وتبنى آليات العمل الديمقراطي. كما أوضح الإخوان
أن الجهاد يكون ضد العدو الخارجي ويتم إعلانه خارج البلاد وليس في الداخل،
كما شهدت بذلك تجربتهم الأخيرة. كما يؤكدون على أن مساندتهم للتعددية
السياسية ليس بغرض الوصول إلى سدة الحكم واحتكاره بعدها. وتعلن أنها إذا
خسرت في الانتخابات التي تجريها الحكومة الانتقالية (انظر أدناه)، أو غيرها
من الانتخابات اللاحقة، فستترك السلطة فورًا.
كما أشاع الإخوان أنهم لا يريدون حكم سوريا، لكن المشاركة في حكمها.
لقد ساءت الأوضاع في البلاد، كما يزعمون، ومع اختفاء الحياة السياسية لنيف
وأربعين عامًا تكون الحاجة إلى تضافر الجهود أعظم وأشد إلحاحًا. ستكون
المرحلة القادمة بمثابة المرحلة الانتقالية التي ينبغي على القوى السياسية
قاطبةً أن تضع الحلول للخروج منها. فليس الإخوان على استعداد لحكم سوريا
كما أنهم لا يريدون ذلك حتى وإن أتت بهم الانتخابات. وإذا فازت فستكون من
فورها حكومة انتقالية واسعة النطاق، فالموقف غير ممهد لحكم واحد أو جماعة
واحدة لحكم البلاد. (وهنا يمكنك ملاحظة الموقف السوري الذي بات وكأنه نسخة
من موقف الجيل الثاني من الإخوان في مصر، حيث يرون أنه بعد اندحار هذا
الحكم الحالي المستبد، فسيتم تشكيل فترة انتقالية تحكم بالديمقراطية وتشارك
الأحزاب الليبرالية والقومية في حكم البلاد، ليكون ذلك بمثابة تقديم
الإسلاميين للسلطة عبر الانتخابات). وفي 2005 تحول الإخوان عن دعوتهم
لإصلاح نظام الأسد إلى الدعوة لاستبدال هذا النظام بالوسائل السلمية بعد أن
سعت الحركة للتعاون مع قوى المعارضة الأخرى للوقوف على موقف الحكومات
الغربية من ذلك. وتزعم الحركة بأن هذا التغير قد تم اتخاذه بعد التعرف على
النظام لمدة خمس سنوات والتأكد من عدم استجابته للإصلاح على الرغم من
مقدرته على إصلاح نفسه . وتحديدًا اتهم الإخوان النظام بفشله في تحقيق أي
من المطالب وخاصةً إلغاء القانون العسكري ومحاكم الطوارئ وخاصةً قانون 49
الذي يجرم الانتماء لحركة الإخوان ومن ثبتت عليه العضوية عوقب بالإعدام،
إلى جانب فشله في تحرير السجناء السياسيين والسماح للناشطين السوريين
المهجرين بالعودة لسوريا (هناك حوالي 5000 عضو في الإخوان قد تم تهجيرهم
وعدد آخر أقل قد تم سجنهم).
وفي إطار تخفيف المخاوف والقلق الذي يساور أعضاء الجيش وحزب البعث
والعلويين عما إذا كان الإخوان يعدون العدة للانتقام منهم حال سيطرتهم على
الحكم في البلاد، أرسل البيانوني رسالة أكد فيها على أن الإخوان لا يسعون
إلى تكرار مشهد العراق في سوريا مجددًا. وأضاف قائلاُ" ربما نفضل أن نمكث
في ظل هذا النظام الديكتاتوري لأربعين سنة أخرى في سبيل عدم تكرار مأساة
العراق على أرض سوريا". "لن يقوم الإخوان باستبدال قانون 49 بآخر يقضي على
البعثيين".
هذا وقد نهج البيانوني طريقين من أجل تخفيف قلق العلويين. أحدها أنه
أثبت أن الإخوان يسعون إلى إقامة دولة مدنية وليس دولة دينية يكون الإسلام
هو مصدر دستوريتها ويكون معيار الواجبات والحقوق فيها هو المواطنة وليست
الهوية الدينية، كما أثبت أن الإخوان لا يفرقون بين الجماعات الاجتماعية في
سوريا تبعًا للأصول الطائفية. والطريق الثاني يتمثل في محاولة البيانوني
التمييز بين النظام من جهة والعلويين وحزب البعث من جهة أخرى. يقول بأن
النظام هو عائلة واحدة ظلمت العلويين وسحقتهم كثيرًا جدًا. "العلويين
إخواننا وشركائنا في هذه الأرض لقد عانوا مثلنا فقد عارض بعضهم النظام الذي
ضربهم بيد من حديد فهم يستحقون عن جدارة أن يشاركونا في التغيير السياسي"،
أكد البيانوني. لم يتطرق البيانوني للعلويين وحكم الإسلام منهم، لكن بدا
هذا غير مهم فمعيار الحقوق والواجبات عنده يتمثل في المواطنة وليس الدين.
وفي أكتوبر 2005، وقعت قوى المعارضة التي تضم الإخوان وغيرهم على إعلان
دمشق الذي يدعو لتقديم نظام ليبرالي ديمقراطي للحكومة. وفي مارس 2006، شكلت
المعارضة جبهة لها أسمتها (جبهة الإنقاذ الوطني) ويرأسا بعد الحليم خدام
نائب الرئيس السوري السابق، الذي لحق بهم في وقت لاحق. هذا وقد تم تمثيل
الأطياف السياسية الأساسية في البلاد في تلك الجبهة: فهناك الإسلاميون
وعنهم الإخوان وهناك البعث وعنه خدام وهناك اليسار. هذا وقد تمتعت الجبهة
كذلك بوجود كردي خاص. لقد لاقى التحالف مع خدام وهو عنصر رائد في النظام
الحالي وله أيادٍ طولى في سحق الإخوان، لاقى معارضةً شديدة داخل صفوف
الحركة التي عللت معارضتها بأنها أخذت درسًا من مشهد العراق يؤكد على أنهم
لن يستطيعوا تغيير الموقف في سوريا دون الاستعانة برجال داخل النظام وحزب
البعث والعلويين. لقد دعا الإخوان تلك الطوائف للمشاركة واللحاق بركبهم،
فاستجاب خدام ولبى دعوتهم.
هذا وقد تم تشكيل الجبهة بالشكل البيني الذي يجمع كافة الأطياف،
وهذا ما يفسر حرصهم على عدم تكرار مأساة العراق وفوضاها العارمة في حال
تمكن الجبهة من استبدال النظام السوري. لذا يمكن لكافة الأطياف السورية
والجماعات السياسية المختلفة التعاون والتوافق على التغيير الديمقراطي الذي
يخلف نظام الرئيس بعد رحيله. لذا سعت الجبهة لتشكيل حكومة انتقالية يمكنها
الولوج للسلطة بعد انهيار النظام البعثى الحالي من أجل الحفاظ على البلاد
من خطر الفوضى. هذا ومن المقرر لهذه الحكومة أن تقود البلاد لمدة ستة أشهر
يتم فيها إلغاء دستور البلاد وقانون الطوارئ وتهيئة البلاد لانتخابات عامة
جديدة. هذا وتبدو سياسة تشكيل التحالفات متوافقةً مع استراتيجية "الإخوان
الجدد" التي تتبنى التحالف ولو مع خصومها الأيديولوجيين طالما أن الوضع
السياسي يستلزم ذلك، وهذا ما قام به حسن الترابي في السودان وما يتبناه
أعضاء الإخوان في مصر من "الجيل الثاني للإخوان".
هذا ويعتقد الإخوان في ممارسة الوسائل السلمية من أجل تحقيق
التغيير، ومنها المقاومة المدنية والإضرابات والاحتجاجات. هذا وقد ظهر،
طبقًا لبعض دوائر الإخوان، أنه بات من أولى أولويات الجبهة تهيئة الأوضاع
في البلاد من أجل الوصول لحالة المقاومة المدنية التي تسهم بلا شك في تحقيق
التغيير والإصلاح في سوريا. كما لم يستبعد البيانوني الحل العسكري، حيث
يمكن لمجموعة عسكرية حيازة السلطة لمرحلة انتقالية. والتأكيد على دور
الجيش الفاعل في العملية السياسية يهدف إلى التأكيد على طبيعة العلاقة بين
الإخوان والجيش، تلك العلاقة التي لا يشوبها ضغينة أو حقد، ومن ثم فالطريق
ممهدة لتنسيق معهم.
أزمات السياسات الإقليميةلقد وجدت جماعة الإخوان في سوريا نفسها في موقف صعب حينما سعت إلى تنحية
نظام البعث السوري، في حين أنه يمثل عاملاً أساسيًا في "محور المعارضة" في
الجبهة. فبعد حرب حزب الله وإسرائيل في صيف 2006 الفائت، ظهر محور
سوريا-إيران-حزب الله-حماس ودعم هذا المحور حركات الإخوان في لبنان ومصر
والأردن، هو دعم مباشر لحزب الله، لكنه غير مباشر لسوريا، الأمر الذي جعل
الإخوان في سوريا يشعرون وكأنهم بعيدون تمامًا عن عالم الإسلاميين ودعمهم
لهم. وفي 10 أغسطس 2006، صرح البيانوني أن أحداث لبنان الأخيرة قد قوضت
نشاطات المعارضة السورية ضد النظام القائم في البلاد. وقد نصح البيانوني
النظام السوري باستضافة قادة حماس في سوريا مؤكدًا على أنها حالة
استثنائية. لكنه هاجم حزب الله هذه المرة حينما صرح بدعمه لنظام الأسد وكأن
هذا النظام يمثل سوريا كلها.
هذا بدت حركة الإخوان في سوريا في أزمة ما حينما طلب منها تحديد
موقفها من إسرائيل وفلسطين وكافة الأراضي العربية المحتلة. الجدير بالذكر
أن عقيدة الإخوان الأساسية ترتكز على أن عودة فلسطين كأرض محتلة للإسلام
بالقضاء على إسرائيل هو الطريق الوحيد للصحوة الإسلامية، وعليه كان اتخاذ
ذلك كأولى أولويات الصراع عند الإسلاميين. وربما يرعب الحكومات الغربية
التي ربما وجدت في الإخوان في سوريا بديلاً للنظام القائم، يرعبهم مقولة أن
الإخوان يسعون لشن حرب ضد إسرائيل فور توليهم السلطة. وقد ذكر مشروع
مستقبل سوريا على أن قضية فلسطين باتت المحور الأساسي لكل المشاكل الحاصلة
في الأرض العربية، كما أنه المحور الذي تلتف حوله قضايا البلاد القومية
بالغة الخطورة. ولا زالت الحركة تصر على ضرورة دعم المقاومة الفلسطينية ومن
ثم ضرورة جعل باب المناقشة مفتوحًا تجاه تحرير الجولان وكل الأراضي
المحتلة، وهو تعبير لطيف يدعو إلى تحرير الجولان بالقوة أكثر منه
بالمفاوضات. صرح به البيانوني في 2003 حينما كانت الانتفاضة الثانية في
أوجها، فقد دعا الحكومة السورية لفتح جبهة في الجولان لمقاومة إسرائيل،
مؤكدًا على أن خيار المقاومة وليس السلام هو خير وسيلة للتعامل مع العدو
المحتل. لكن منذ 2004، عرض البيانوني كثيرًا بأن الإخوان مستعدون لعقد
مباحثات سلام مع إسرائيل إذا وصولوا للسلطة وإذا قادت هذه المباحثات إلى
تراجع إسرائيل عن الأراضي المحتلة ومن ثم إعطاء الفلسطينيين كامل حقوقهم
المسلوبة.
وفي أعقاب حرب 2006، أدلى مجلس شورى الإخوان بتصريح في (1 سبتمبر
2006) دعم فيه حق الفلسطينيين في تحرير أراضيهم المحتلة وإقامة دولة مستقلة
والعودة إلى ديارهم وتحقيق "خيارهم الديمقراطي القومي" (حكومة حماس)،
وحقهم في المعيشة الحرة الطيبة (انتقاد الغرب بفرض عقوبات على حكومة حماس).
كما دعت الحركة لإنهاء احتلال العراق وتحقيق الوحدة الوطنية للبلاد
وسيادتها على أراضيها. وأكدت على دعمها لإيران في حقها امتلاك قوة علمية
ووسائل تقنية (مشروع إيران النووي)، كما أعربت عن اهتمامها بالسياسات
الإيرانية في العراق ولبنان وسوريا ذاتها، وأبدت قلقها من السياسات
الإيرانية التي تقود سوريا في محورها الإيراني السوري بعيدًا عن بعدها
العربي التي يرى الإخوان فيه المؤسس الحقيقي للتواجد الاستراتيجي لسوريا.
كما استمر البيانوني في نقده إيران مشيرًا إلى أن موقفها الإقليمي قد بات
سلبيًا كما باتت سياساتها الإقليمية تتسم بالطابع الطائفي متهمًا إيران
بأنها بسعيها الدءوب لنشر المذهب الشيعي في سوريا من خلال حملتها الواسعة
ومنفقاتها الضخمة، ثم هو يحثها على التوقف عن الاستمرار في التدخل في الشأن
العربي الداخلي.
الإخوان المسلمون في الأردن وجبهة العمل الإسلامي نظرة تاريخيةلقد سلك الإخوان المسلمون منذ تأسيسهم في الأردن عام 1945 وجناحها
السياسي المسمى جبهة العمل الإسلامي المؤسس عام 1992، سلكا أجندتين
متمايزتين وفي نفس الوقت مرتبطين ببعضهما البعض. فالأول نجاحهم في تحقيق
الأهداف العامة لحركة الإخوان المسلمين كما هو موصوف أعلاه. والأخرى تتمثل
في القضية الفلسطينية، تلك القضية التي تحرك الاهتمام العام في البلاد
أكثر من أي دولة عربية أخرى. وربما يمكننا أن نشير إلى مرحلتين مرت بما
الحركة في الأردن. المرحلة الأولى حيث وضح تشابه عام على مستوى التوجه
الاستراتيجي للحركة مكنها من عقد تحالف مع النظام الأردني مما مكنها من
إقامة بنية تحتية للجماعة تضم مؤسسات وخدمات ومشاريع تستخدم لنشر الدعوة
وتكوين الكيان السياسي. ومع قدوم الثمانينات انتهى هذا التحالف حيث حل
الإسلاميون محل الشيوعيين والاشتراكيين في التحدي الاستراتيجي للمملكة،
وكذلك بفعل تزايد العنصر الفلسطيني في الحركة من الناحية السكانية
والأيديولوجية. وقد أسهم التحالف القديم في إضفاء تعايش غير ممكن بين
الطرفين، الإخوان والنظام الأردني، الأمر الذي تطور كثيرًا حتى وصل إلى حد
الصراع السياسي ومن ثم سعى النظام بخطوات نظامية لاحتواء الإخوان والتقليل
من سطوة تأثيرهم. وقد أثار تبني الحركة للقضية الفلسطينية ودفعها الحثيث
للأمام العديد من التساؤلات حول المدى الذي ستبقى فيه الحركة أردنية
خالصةً.
لقد نشأت جماعة الإخوان المسلمين أصلاً في الأردن بمباركة الملك عبد
الله الأول لتكون جمعية خيرية عام 1953، لكنها تحولت بعد ذلك لتكون لجنة
إسلامية عامة وشاملة تسمح بممارسة دعوتها ومن ثم نشاطها السياسي. والجدير
بالذكر دعم الحركة النظام الهاشمي أيديولوجيا وسياسيًا ضد الأفكار الناصرية
والعلمانية المتطرفة الأخرى إبان انتشارها في الخمسينات والستينات، كما
أنها وقفت مع النظام ضد المتطرفين الإسلاميين ومنظماتهم مثل حزب التحرير.
كما أسهم تأييد الحركة للنظام الهاشمي ضد عصيان المنظمات الفلسطينية في عام
1970-1971، الأمر الذي ثمنه النظام وأثقل ميزان الحركة عنده حتى جعل من
الإخوان مظلة سياسة واستراتيجية للفلسطينيين القاطنين في الأردن وخاصةً بعد
طرد منظمة التحرير الفلسطينية. وحينها لم يجد الإخوان من بد في المشاركة
في الحكومة بحقائب التربية أو العدل أو الأوقاف والشئون الدينية، مما يناسب
أهداف الحركة دعويًا. وفي المقابل تم السماح للإخوان بإنشاء منظمة سياسية
(الأولى مذ إلغاء الأحزاب السياسية في 1957) وتمتعت بسعة ما مكنتها من
الحركة والنشاط، الأمر الذي مكن الجماعة من التأثير والسيطرة على وزارات
الحكومة والمنظمات التعليمية والدينية والمساجد والمنظمات الاقتصادية
والخدمات الصحية والاجتماعية والاتحادات التجارية والإعلام، كل ذلك ساعد
الحركة في القيام بدورها الدعوى ومن ثم اختراق المجتمع الأردني كأعمق ما
يكون. بعدما تم استبدال الحركات اليسارية والعلمانية بالإسلاميين كتحدٍ
أيديولوجي آخر للنظام الهاشمي في الثمانينات، بدأت أجندة الإخوان تأخذ في
التنوع في التعامل مع النظام وسياساته. وحتى هذه اللحظة، استخدم النظام
الإخوان في احتواء المتطرفين الإسلاميين وجماعاتهم، لكن لسوء الطالع ضلعت
حركة الإخوان في هذا التوقيت في التطرف هي الأخرى. فبعد صعود الحركات
التكفيرية والجهادية في العالم العربي السني، وبفعل الثورة الإيرانية، تمتع
الجناح المتطرف التكفيري في حركة الإخوان بقوة هائلة كما أخذ العنصر
الفلسطيني في الحركة حظوته كذلك.
كما شهدت هذه الفترة تحررًا سياسيًا تدريجيًا وانتخابات برلمانية
عامة في 1989 ساعدت الإخوان في الأردن على استغلال دورها الشرعي المتميز من
خلال كونها المنظمة السياسية الشرعية الوحيدة في البلاد وأضف إلى ذلك
سيطرتها على منظمات المجتمع المدني المتعددة، مما فتح لها الطريق للفوز
بجملة 40% من جملة مقاعد البرلمان.
وبعد هذا الفوز الساحق، اندفع النظام نحو تشكيل قانون الأحزاب
السياسية الجديد الذي تم تصميمه للحد من سلطة الإخوان الانتخابية، وهو ما
نجح في حصده في انتخابات 1993 حيث أخذ الإخوان 25 بالمائة فقط من جملة
المقاعد، مما أثار القلاقل بين الإخوان والنظام. وبعدها بقليل، وقع النظام
معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1994 مما وضع الإخوان صراحةً في معسكر المعارضة
ضد النظام الهاشمي. وفي غضون هذه التطورات، قررت حركة الإخوان في 1992
تشكيل حزب سياسي، حزب العمل الإسلامي (الحزب الذي أعلن أنه ليس منتميًا
للإخوان أو حتى امتدادًا لهم). وكان الهدف من هذا الحزب حماية الإخوان
والتأكيد على استمرارية الدعوة ونشاطها الاجتماعي إذا قادت هذه التوترات
النظام لأخذ خطوات صارمة ضد النشاطات السياسية. كما استهدفوا كذلك إلى بناء
قاعدة جديدة من الأتباع حيث عمدوا إلى دعوة الجماعات الإسلامية الأخرى
والمستقلين الإسلاميين إلى المشاركة في هذا الحزب تحت هذه المظلة الجديدة
التي باتت بمنأى عن الإخوان. وختامًا، استهدف قانون الأحزاب الجديد إنشاء
حياة حزبية جديدة متعددة الأطراف الأمر الذي عرّض الإخوان، رغم أنهم
المنظمة السياسية الشرعية الوحيدة، للمنافسة مع الأحزاب والحركات الأخرى،
مما حدّ من التوتر بين دور الإخوان كحركة تمثل دعوة الإسلام العالمية ودور
الحركة كحزب سياسي ينافس أحزابًا أخرى ومن المفترض أن يحمل في نفس الوقت
دعوة الإسلام.
وقد أعلن الحزب أهدافه المتمثلة في استعادة الحياة الإسلامية وتطبيق
الشريعة في كل مجالات الحياة وتهيئة الشعب للجهاد ضد الصهاينة والأعداء
الغاصبين والوقوف بجانب القضية الفلسطينية والسعي الحثيث لتحرير فلسطين
والعمل على تحقيق الوحدة والحرية الوطنية ومن ثم مواجهة المساعي الأجنبية
الإمبريالية للسيطرة والتحكم، وكذلك السعي لتحقيق نظام يعتمد على
الديمقراطية والشورى وأن يعمل للصالح العام وحسب.
هذا وقد قادت فكرة تشكيل قانون الأحزاب ومعاهدة السلام مع إسرائيل إلى خلق
جدل عريض حول استراتيجية الإخوان وحزب العمل الإسلامي. فكان رأي الاتجاه
المتطرف داخل الجماعة يقضي بعدم المشاركة في الانتخابات في ظل هذا القانون
الجديد ثم هو يدعو إلى الانسحاب من البرلمان ومقاطعة نشاطاته البرلمانية
كنوع من الاحتجاج حول توقيع مثل هذه المعاهدة، ثم ينشر هذا الجناح أفكاره
المعارضة لمشاركة الإخوان في الحكومة الأردنية مدعيًا أنها باتت حكومة
جاهلية غير إسلامية ومن ثم فقد فقدت شرعيتها. وفي النهاية، شارك الإخوان في
انتخابات 1993 ولم ينسحبوا من البرلمان، لكنهم قاطعوا انتخابات 1997.
وكانت آخر حكومة شارك فيها الإخوان لكنها لم تلبث كثيرًا، تلك التي قادها
مضر بدران (يناير – يونيو 1991).
صراع الإخوان المسلمين في الأردن حول الهوية والتوجهوفي الأيام اللاحقة زاد نفوذ التكفيريين المتطرفين داخل صف الإخوان
ومعظمهم من الفلسطينيين، فمارسوا سلطتهم على الإعلام وجهاز التربية من أجل
نشر فكرتهم القطبية التي تقول بجاهلية الأنظمة العربية ثم هم يقولون بأن
الدعوة للدولة القومية والمواطنة ليس إلا اختراعًا أجنبيًا غريبًا عنا.
لكن ما لبثت تلك الفئة أن توقفت عن نهجها المسلح وممارسة العنف ضد الأنظمة
العربية الجاهلية كما كانوا يدعون، فلم يعد أمامهم أدنى مشكلة في المشاركة
في الانتخابات البرلمانية وسياسات الأحزاب وكذلك الترشيح للانتخابات. وهنا،
فهم يواجهون النظام الأردني لكن سياسيًا وأيديولوجيا كما يقودون المعارضة
ضد علاقات الأردن بالولايات المتحدة وإسرائيل.
لكن هناك فصيل آخر من فصائل المعارضة ينهج النهج المعتدل ويفضل استراتيجيات
الإخوان على مستوى أهدافهم حيث يتعايش مع النظام ويشارك في الحكومة إن
سنحت له الفرصة. لقد رفض إذن مبدأ المواجهة والتصادم مدعيًا أن الموقف في
الأردن ليس كما هو في مصر والجزائر، فهنا يتمتع الإخوان بحرية لابد أن
يستفيدوا منها باستخدام الجانب التشريعي والتنفيذي للحصول على أهدافها
وثمارها. (في مايو 2008 تم استبدال سالم الفلاحات المرقب العام للإخوان
سابقًا وهو من المعتدلين الموالين للعنصر الأردني، بالشيخ همام سعيد قائد
الجانب المتطرف في الإخوان وهو من أصل فلسطيني ويشغل الآن منصب المراقب
العام للإخوان في الأردن).
ومع صعود المتطرفين لقيادة جماعة الإخوان في الأردن، تنامت حركة من
الاضطرابات، مثل تلك التي مني بها أحد قادة الجماعة المحنكين وقد شغل منصب
السكرتير العام للجماعة من 1962 حتى عام 1988 وقد ترك الجماعة في 2004
بتهمة تبنيه أفكار طالبان والقاعدة. وقد ترك العديد من الإخوان المعتدلين
في الأردن الجماعة في 2001 ليؤسسوا حزبًا خاصًا بهم ويسموه "حزب الوسط
الإسلامي الأردني"، وهنا كلمة الوسط هذه تذكرنا بحزب الوسط المصري وكذلك
منهجهم الوسطى الذي يتمتعون به. هذا وقد شجعت الحكومة تشكيل هذا الحزب من
اجل إحياء البعد القومي للإخوان في شرق الأردن (إلى حد أنه قد تم وصف هذا
الحزب بأنه يمثل الإخوان المسلمين في الصلت، العاصمة القديمة لمحافظة شرق
الأردن). وقد عرف الحزب نفسه على أنه "حزب سياسي أردني يتخذ من الإسلام
مرجعيته" كما أنه في الحقيقة لا يقف معارضًا للحكومة ولا يقف مساندًا لها.
ويدعي الحزب أن عقد مباحثات سلام مع إسرائيل ليس مخالفًا للشريعة الإسلامية
والتاريخ خير شاهد على ذلك. وقد فاز هذا الحزب في انتخابات 2003
البرلمانية بمقعدين فقط. لكن ما لبث الحزب في 2004 إلا وقد انسحب أعضائه
منه حتى من تكبدوا المعاناة في تأسيسه.
وبمساعدة القيادة الراديكالية المتطرفة التي تقود الجماعة في
الأردن، استطاعت حماس منذ منتصف التسعينات أن تكون لها سلطة في الحركة في
الأردن. ومع تمركز قيادة حماس في الأردن متخذةً من عمان مركزًا لها،
استطاعت حماس كذلك أن تجعل من الأردن مركز دعمها للعمليات التي تقودها في
الأراضي الفلسطينية والإسرائيلية. وضمن بعض نشاطاتها السرية كان تهريب
السلاح عبر الحدود، الأمر الذي انتدبت له بعض العناصر الإخوانية الفلسطينية
في الأردن دون علم قادة الإخوان هناك. ففي عام 1999، كتب المراقب العام
للإخوان عبد المجيد الذنيبات الذي يناصر العنصر الأردني في الحركة، كتب إلى
رئيس الوزراء الأردني والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين يشتكي فيه حماس من
سلوكها المالي والأمني المتخبط ومن ثم تأثيره على نشاطاتها. فما كان من
الحكومة الأردنية إلا أن أغلقت مقرات حماس في عمان وطردت قادتها بما فيهم
خالد مشعل.
لكن ليس هذا هو نهاية نفوذ حماس الذي تمارسه على الإخوان في الأردن
وكذلك جبهة العمل الإسلامي. لقد اشتملت قائمة الجبهة لخوض انتخابات 2003
على أعضاء فرضتها حماس على الجبهة (خمسين من أصل سبعين من مرشحي الجبهة هم
من أصول فلسطينية). في مارس 2006 انتخبت جبهة العمل الإسلامي في الأردن
ممثلةً في مجلس شورى الحزب، انتخبت زكي سعد بني أرشيد العضو في حماس ليكون
الأمين العام للجبهة. وقد كان الأخير يعمل كرئيس لحسابات حماس في الأردن في
التسعينات وقد ألقي القبض عليه بتهمة تهريب أسلحة. وقد عارض انتخابه سالم
الفلاحات المراقب العام الجديد للإخوان، لكن دونما فائدة. فهو نفسه قد رشحه
خالد مشعل بعد ممارسة بعض الضغوط لاستبدال عبد المجيد الذنيبات به حيث ضلع
الأخير في طرد مشعل من الأردن.
تحدي النظام الأردني وتحالفه مع الغربلقد أسهم فوز حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير 2006
وقبلها فوز الإخوان في مصر في انتخابات 2005، أسهم ذلك في بث دماء ثقة
جديدة لدى الإخوان وجبهة العمل الإسلامي في الأردن حتى باتوا يعتبرون ذلك
نصرًا لهم. دعاهم هذا الحس إلى أن يعلنوها صراحةً بنهاية عصر الدولة
الفاسدة (وهو الشعار الذي رفعته حماس في حملتها الانتخابية) وتداول
الحكومات بالطريقة التي تعكس ميزان القوة الانتخابية الحقيقي. وقد خطف رئيس
كتلة جبهة العمل الإسلامي البرلمانية، عزام هنيدي، الأنظار حينما أعلن فور
فوز حماس بالانتخابات التشريعية بأنه أصبح الآن بمقدور الحركة الإسلامية
في الأردن أن تتحمل مسؤولية تشكيل حكومة بكاملها. لكن لم يقل بني أرشيد ولم
يصرح ببنت شفته بشأن ما قيل عن عدم انتخاب الحكومة ومن ثم فليس لها تفويض
من الشعب بالحكم، في حين أن الإخوان قد باتوا يمثلون الشعب ولديهم كامل
الاستعداد للحصول على السلطة التنفيذية في البلاد.
ومع تصاعد نفوذ الاتجاهين التكفيري والحمساوي ضمن صفوف الإخوان
والجبهة في الأردن، شكل هذان الاتجاهان جبهة المعارضة للنظام وخاصةً أعظم
القضايا خطورة من الناحية الاستراتيجية. وفي إطار الصراع بين الجماعة
والنظام، تقع نقطة تحالف الأخير مع أمريكا وإسرائيل وهما بالنسبة له بمثابة
أسهم استراتيجية، في حين يعتبر الإخوان من يتحالف مع ما أسموه "المشروع
الصهيوأمريكي" بما في ذلك النظام، يكون ندهم ومعارضًا لهم. وقد أصدرت لجنة
العلماء في مؤتمر نظمته الجبهة في نوفمبر 2002 بيانًا تقول فيه بأن الحملة
الصهيونية الصليبية التي قادتها أمريكا ضد العالم الإسلامي في أعقاب أحداث
الحادي عشر من سبتمبر هو الأخطر بالنسبة لسابقاتها، إذ تهدف إلى القضاء على
الصحوة الإسلامية والحركة الإسلامية من جذورها واستبدال الحياة الإسلامية
بالنسخة الغربية والسلوك الإسلامي بالحرمان، وإفساد نساء وشباب المسلمين،
والقضاء على حلم الدولة الإسلامية وتوحيد العالم الإسلامي، كما تهدف إلى
تمكين اليهود من الاستمرار في أجندتها لتدمير المسجد الأقصى وبناء المعبد
مكانه. حثت الفتوى العلماء للوقوف ضد السياسات الأمريكية وحلفائها في الدول
الإسلامية ومن ثم حمل الشعوب الإسلامية على مقاطعة أمريكا اقتصاديًا
ومنعها من أي دعم في حربها ضد العراق أو أي دولة إسلامية ودعوة الناس كذلك
للجهاد في فلسطين.
ففي حين دعمت الحكومة الأردنية العملية السياسية في العراق وأبدت
تعاونًا ما مع الحكومة العراقية الوليدة، كما مدت الولايات المتحدة ببعض
التسهيلات، بادر الإخوان فدعموا الصحوة العراقية حتى وصل بهم المقام لوصف
مقاومتهم للمحتل الأمريكي بأنه فرض العين واجب على كل مسلم. كما وصف
الإخوان كل منظمات الدولة ومؤسساتها بغير الشرعية فقد أوجدتها قوات التحالف
ذاتها (وقفوا في موقف غير متوافق تمامًا والإخوان في العراق الممثلين تحت
راية الحزب الإسلامي). وقد نشرت اللجنة المركزية لعلماء الشريعة في جبهة
العمل الإسلامي فتاوى في 17 أبريل 2004 وفي 14 أغسطس 2004 تقضي فيها
بحرمة البيعة للإدارة الأمريكية موضحةً وجوب إيقاف كل أشكال التعاون
المقترحة معها. ثم يستمرون مؤكدين على أن الالتحاق بقوات الاحتلال في
العراق أو القوات العسكرية أو الأمنية التي تعمل في ظل الاحتلال يكون ذلك
بمثابة الخيانة لله ورسوله وجماعة المسلمين، وإعانة هذه القوات يعتبر من
كبائر الذنوب. وفي محاولة للهجوم على الملك والحكومة، نشرت اللجنة مجددًا
في 14 أغسطس 2004 فتوى تقول بأن من يتعاون مع أعداء دينه ووطنه ويعطيهم
الدعم العسكري والمادي والسياسي، يعتبر واحد منهم.
وفيما يخص القضية الفلسطينية، وقفت الحكومة الأردنية في صف السلطة
الفلسطينية تحت قيادة محمود عباس وحركة فتح التابعة له، بينما وقف الإخوان
داعمين حماس كحركة وكحكومة على مستوى أهدافها وسياساتها وتكتيكاتها. حتى أن
المراقب العام الذي اتسم بالاعتدال، الفلاحات، صرح قائلاً "إن نقاط
الاختلاف على حماس والإخوان قد بدت واحدة ومتشابهة". وفيما يخص الاتحادات
التجارية التي يسيطر عليها الإخوان إضافةً إلى اتحاد المهندسين، تم استبدال
بعض نشاطاتها ببعض العمليات المتنوعة الشكل من أجل معارضة خطة الحكومة في
التطبيع مع إسرائيل، فقد ذهب جزء من اشتراكات الأعضاء لدعم حماس. وقد
أصدرت اللجنة المركزية لعلماء الشريعة في جبهة العمل الإسلامي فتوى جرمت
فيها طبيعة العلاقة بين الأردن وإسرائيل وأنها ليست موافقةً للشريعة
الإسلامية ومن ثم وجوب قطع العلاقة معهم، وإلا فالإبقاء على هذه العلاقات
يعتبر خيانة لله ورسوله وللمؤمنين، فهو إذًا هجوم لاذع على الملك وحكومته.
وقد اعتبر النظام الأردني التقدم الإيراني التوسعي وصعود الشيعة وطموحاتهم
النووية بمثابة التهديد المباشر للاستقرار الإقليمي، كما عد النظام سوريا
كذلك مصدر خطر للأمن القومي الأردني. في حين اعتبر إخوان الأردن إيران
مشروعًا إسلاميًا مستهدفًا من الغرب وكذلك سوريا من الولايات المتحدة، فهم
حلفاء رغم ما يقوم به النظام السوري من قمع الإخوان في سوريا. لذا فقد دخلت
جماعة الإخوان الأردنية في محور إيران وحزب الله وسوريا. وقد ساعدت جبهة
العمل الإسلامي النظام السوري التواصل مع بعض المنظمات العربية والإسلامية
التي رفضت في البداية شكل العلاقة. هذا وقد باتت جبهة العمل الإسلامي
قلقةً من تحالف إخوان سوريا مع نائب الرئيس السوري السابق خدام، ثم هي تدين
قرار الأمم المتحدة الصادر في 17 مايو 2006 والذي يحث سوريا على الاعتراف
بسيادة لبنان ومن ثم التوافق على ترسيم الحدود مع لبنان وتبادل البعثات
الدبلوماسية، واصفةً هذا القرار بأنه جاء متحيزًا ومحرضًا فهم تدخل في شئون
سوريا الداخلية.
مواجهة هجوم النظام المضادلطالما سعى النظام لإضعاف العلاقات بين الإخوان في الأردن وسوريا وحماس
الذي باتت ذات أثر ملموس في الأردن، لكن سبقت الأحداث تطلعات النظام فأهدته
فرصةً ذهبية في أبريل 2006 حيث تم إحكام صفقة لتهريب أسلحة عبر الحدود مع
سوريا من أجل استخدامها لدعم عمليات إرهابية في الأردن، إلى جانب محاولة
تجنيد الإخوان في الأردن وإرسالهم للتدريب على العمليات الإرهابية في سوريا
وإيران. فلا زال الإخوان في الأردن يدعمون حزب الله في حربه مع إسرائيل في
2006 حيث حشدوا الآلاف للتظاهر بدعمهم، وتم كذلك رفع أعلام حزب الله وحسن
نصر الله. وقد بادرت لجنة علماء الشريعة في الجبهة بإصدار فتوى في الثلاثين
من يونيو 2006 تدعم فيها حزب الله في حربه ضد إسرائيل وتدين الفتاوى التي
أصدرتها السعودية ضد حزب الله.
وقد رأى النظام الحرب على الإرهاب بمثابة الحرب العالمية التي تلعب
فيها الأردن دورًا رئيسًا. لكن في المقابل، رأى الإخوان هذه الحرب على أنها
حرب على الإسلام والإسلاميين وقد بدا موقف الإخوان الشعبي من الهجمات
الإرهابية أمرًا غير واضح المعالم. وقد تفجرت ينابيع هذه القضية من جديد
حينما زار عضوان من أعضاء الجبهة في البرلمان، هما من الناشطين الفلسطينيين
ويلتزمون النهج المتطرف في الإخوان، عزاءً أقامته عائلة أبو مصعب
الزرقاوي. قام فيه محمد أبو فارس بالثناء على الزرقاوي ووصفه بالمجاهد
الشهيد. وقد تم اعتبار ذلك فتوى منه حيث إن أبا فارس من المرجعيات الشرعية
المعروفة في الأردن، لذا باتت هذه فتوى في نظر الجمهور الأردني.
وقد استحق الزرقاوي لقب "عدو الشعب رقم واحد" في الأردن، حيث قام
بثلاث عمليات متفرقة استهدفت ثلاثة فنادق في عمان في ديسمبر 2005 وأعلن
مسئوليته عنها. ومن ثم، فنعت الزرقاوي بالمجاهد والشهيد يؤكد على أن ما
فعله هذا كان في نطاق الجهاد المفروض ضد أعداء الإسلام والمرتدين عنه. لكن
قال أبو فارس مجددًا أن المجتمع الأردني قد بات جاهليًا. لقد كانت هذه هي
مرحلة التطرف التي حلت على الإخوان في الأردن: لقد اعتبر أبو فارس بالتعاون
مع التيار القطبي بالقول بأن الحكومة الأردنية وليس الشعب الأردني قد باتت
جاهليةً إلى حد كبير. لقد فعل أبو فارس ذلك من أجل إضعاف شوكة الفلاحات
ومنصبه كمراقب عام، وقد كان الأول يتنافس مع الأخير لحيازة هذا المنصب.
فإذا أدان المراقب هذه التصريحات، فقد خسر دعم التيار المتطرف في الجماعة
وقاعدته العريضة، وإذا لم يدن، فقد أثبت سيطرة المتطرفين أيديولوجيا على
الجماعة. ومع صعود القضية وتصاعد الاهتمام بها، تذبذب الفلاحات وخاصةً وقد
بلغ الضغط أشده من أجل التعرف على موقف الإخوان فيما يخص الزرقاوي. من
جانبه فرّق الفلاحات بين جهاد الزرقاوي ضد الاحتلال الأجنبي في العراق، وهو
موضع الثناء، وبين موقفه التكفيري وقتل المدنيين الأبرياء، وهو محل
الإدانة والشجب. لكنه لم يشجب ما قاله أبو فارس موضحًا أن ما قاله الأخير
يمثل رأيه الشخصي وليس موقف الجماعة أو الجبهة بصفتهما العامة.
وفي حشد سياسي دعت له الجبهة، أكدت في بيان لها إدانة الحكومة في
العديد من المواقف، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر إخضاع الاهتمام الشعبي
العام ليكون كما يريد له "السادة الأمريكان"، وأخذ موقف من المقاومة
الفلسطينية، وتحولها لتكون بمثابة الخندق الذي تستعمله أمريكا في حربها على
الإرهاب. لكن خرج الفلاحات وهو المراقب العام وأعلن إنكاره وتبرئه من هذا
البيان ، فاستغل النظام هذه الحادثة إلى جانب امتعاض الشعب العام من موقف
الإخوان من