إعداد الدكتورحامد بن سالم عايض الحربي أستاذ التربية الإسلامية المقارنة المشارك بكلية التربية، جامعة أم القرى
المقدمة :
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا، { رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } ( الحشر:10) إن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .
موضوع الدراسة وأسئلتها :
من خلال مقدمة الدراسة وما ذكر فيها من منهج الدراسة وحدودها فإن هذه الدراسة تحاول الإجابة عن هذه الأسئلة التالية :
س 1 : ما الأسلوب التربوي الفعال في تعليم تلاوة القرآن الكريم ؟
س 2 : ما الأسلوب التربوي الفعال في تعليم فهم القرآن الكريم ؟
س 3 : ما الأسلوب التربوي الفعال في تعليم حفظ القرآن الكريم ؟
س 4 : ما الأسلوب التربوي الفعال في العمل بالقرآن الكريم ؟
كما أن أهداف الدراسة : هي محاولة الإجابة عن أسئلتها لأن معرفة الإجابة على تلك الأسئلة من المربين وغيرهم لها أثرها في وجدانهم ورغباتهم في حب القرآن الكريم وأهله والقائمين عليه، وهذا الوجدان، وهذه الرغبات قد تدفعهم إلى تغيير سلوكهم في هذا المجال العلمي وفقا لمتطلبات تلك المعرفة، حيث إن لهذه المعرفة دلالاتها التربوية التي لا بد أن يتبعها العمل بها، وهذا العمل في التربية الإسلامية يشمل فعل المأمور به وترك المنهي عنه .
والآن تشرع الدراسة بإذن الله تعالى في الإجابة عن أسئلتها .
الأسلوب التربوي الفعال في تعليم تلاوة القرآن الكريم:
قال تعالى : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } (الجمعة: 2) . وقال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ }{ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ } ( فاطر : 29، 30 ).
الأسلوب التربوي الفعال في تعليم فهم القرآن الكريم :
لا يعني هذا الأسلوب التربوي الفعال في فهم القرآن الكريم أنه منفصل عن الأسلوب التربوي الفعال في تلاوة القرآن الكريم وإنما كل منهما يكمل الآخر ومحتاج إلى الآخر وإنما جاء التقسيم لغرض الفهم والدراسة والشرح . وهذا الأسلوب الفعال في فهم القرآن الكريم له مكانة خاصة في التوجيه والتعليم، حيث المقصود المهم من القرآن الكريم هو فهمه وتدبر معانيه للعمل به، والعمل به يشمل الفعل والترك، أي فعل ما أمر الله به أن يفعل، حسب القدرة والاستطاعة وترك ما نهى الله عنه أن يترك، وفهم القرآن الكريم هو لب معرفة القرآن الكريم ومفتاح العمل به يقول تعالى : { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } (ص: 29 ). وقال تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } . ( النحل:89 ). وقال الشافعي رحمه الله تعالى : " ليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها
الأسلوب التربوي الفعال في تحفيظ القرآن الكريم :
قال تعالى : { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ } ( العنكبوت: 49 ). ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو سيد الحفاظ وأولهم للقرآن الكريم ومن بعده أصحابه رضي الله عنهم وهناك قواعد معينة على الحفظ تتمثل في الآتي :
الأسلوب التربوي الفعال بالعمل بالقرآن الكريم :
قال الله تعالى : { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (الجمعة: 5)
إن تلاوة القرآن الكريم وفهمه وحفظه مهم لحياة المسلم ولكن لب التعامل مع كتاب الله تعالى هو العمل به في شئون الحياة كلها: لكي ينعم الإنسان بسعادة الدنيا والآخرة فعن أبي عبد الرحمن السلمي قال : حدثني الذين كانوا يقرئوننا، عثمان وابن مسعود وأبي رضي الله عنهم « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرئهم ( العشر آيات ) فلا يجاوزونها إلى عشر أخرى حتى يعملوا ما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا » (1)