عُدْنَا إلَى سِيَاقَةِ النّسَبِ
[ نَسَبُ خُزَاعَةَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَخُزَاعَةُ تَقُولُ نَحْنُ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ ، مِنْ الْيَمَنِ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَتَقُولُ خُزَاعَةُ : نَحْنُ بَنُو عَمْرِو بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَازِنِ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ ؛ وَخِنْدِفُ أُمّهَا ، فِيمَا حَدّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ . وَيُقَالُ خُزَاعَةُ : بَنُو حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ ، وَإِنّمَا سُمّيَتْ خُزَاعَةَ لِأَنّهُمْ تَخَزّعُوا مِنْ وَلَدِ عَمْرِو ، حِينَ أَقْبَلُوا مِنْ الْيَمَنِ يُرِيدُونَ الشّامَ ، فَنَزَلُوا بِمَرّ الظّهْرَانِ فَأَقَامُوا بِهَا . قَالَ عَوْنُ بْنُ أَيّوبَ الْأَنْصَارِيّ أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ سَوَادِ بْنِ غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ مِنْ الْخَزْرَجِ فِي الْإِسْلَامِ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَوَلَدَ مُدْرِكَةُ بْنُ إلْيَاسَ رَجُلَيْنِ خُزَيْمَةَ بْنَ مُدْرِكَةَ وَهُذَيْلَ بْنَ مُدْرِكَةَ ؛ وَأُمّهُمَا امْرَأَةٌ مِنْ قُضَاعَةَ . فَوَلَدَ خُزَيْمَةُ بْنُ مُدْرِكَةَ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ كِنَانَةَ بْنَ خُزَيْمَةَ ، وَأَسَدَ بْنَ خُزَيْمَةَ ، وَأَسَدَةَ بْنَ خُزَيْمَةَ ، وَالْهُونَ بْنَ خُزَيْمَةَ ، فَأُمّ كِنَانَةَ عُوَانَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ بْنِ مُضَرَ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَالُ الْهَوْنُ بْنُ خُزَيْمَةَ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَوَلَدَ كِنَانَةُ بْنُ خُزَيْمَةَ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ النّضَرَ بْنَ كِنَانَةَ ، وَمَالِكَ بْنَ كِنَانَةَ ، وَعَبْدَ مَنَاةَ بْنَ كِنَانَةَ ، وَمِلْكَانَ بْنَ كِنَانَةَ . فَأُمّ النّضْرِ بَرّةُ بِنْتُ مُرّ بْنِ أَدّ بْنِ طَابِخَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ ، وَسَائِرُ بَنِيهِ لِامْرَأَةِ أُخْرَى . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : أُمّ النّضْرِ وَمَالِكٍ وَمِلْكَانَ بَرّةُ بِنْتُ مُرّ ؛ وَأُمّ عَبْدِ مَنَاةَ : هَالَةُ بِنْتُ سُوَيْدِ بْنِ الْغِطْرِيفِ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ . وَشَنُوءَةُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ نَصْرِ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ ، وَإِنّمَا سُمّوا شَنُوءَةَ لِشَنَآنِ كَانَ بَيْنَهُمْ . و الشّنَآنُ الْبُغْضُ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : النّضْرُ قُرَيْشٌ ، فَمَنْ كَانَ مِنْ وَلَدِهِ فَهُوَ قُرَشِيّ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ وَلَدِهِ فَلَيْسَ بِقُرَشِيّ . قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَطِيّةَ أَحَدُ بَنِي كُلَيْبِ بْنِ يَرْبُوعِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ
. وَيُقَالُ فِهْرُ بْنُ مَالِكٍ : قُرَيْشٌ ، فَمَنْ كَانَ مِنْ وَلَدِهِ فَهُوَ قُرَشِيّ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ وَلَدِهِ فَلَيْسَ بِقُرَشِيّ وَإِنّمَا سُمّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشًا مِنْ التّقَرّشِ وَالتّقَرّشُ التّجَارَةُ وَالِاكْتِسَابُ
شَحْمٌ وَمَحْضٌ لَيْسَ بِالْمَغْشُوشِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَالشّغُوشُ قَمْحٌ يُسَمّى الشّغُوشَ . وَالْخَشْلُ رُءُوسُ الْخَلَاخِيلِ وَالْأَسْوِرَةِ وَنَحْوِهِ . وَالْقُرُوشُ التّجَارَةُ وَالِاكْتِسَابُ . يَقُولُ قَدْ كَانَ يُغْنِيهِمْ عَنْ هَذَا شَحْمٌ وَمَحْضٌ . وَالْمَحْضُ اللّبَنُ الْحَلِيبُ الْخَالِصُ . وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ . وَقَالَ أَبُو جِلْدَةَ الْيَشْكُرِيّ ، وَيَشْكُرُ بْنُ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ :قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَيُقَالُ إنّمَا سُمّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشًا لِتَجَمّعِهَا مِنْ بَعْدِ تَفَرّقِهَا ، وَيُقَالُ لِلتّجَمّعِ التّقَرّشُ .
[ أَوْلَادُ النّضْرِ وَأُمّهَاتُهُمْ ]
فَوَلَدَ النّضْرُ بْنُ كِنَانَةَ رَجُلَيْنِ مَالِكَ بْنَ النّضْرِ ، وَيَخْلُدَ بْنَ النّضْرِ فَأُمّ مَالِكٍ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَدْوَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ وَلَا أَدْرِي أَهِيَ أُمّ يَخْلُدَ أَمْ لَا . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَالصّلْتُ بْنُ النّضْرِ - فِيمَا قَالَ أَبُو عَمْرٍو الْمَدَنِيّ - وَأُمّهُمْ جَمِيعًا بِنْتُ سَعْدِ بْنِ ظَرِبٍ الْعَدْوَانِيّ . وَعَدْوَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ . قَالَ كُثَيّرُ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ وَهُوَ كُثَيّرُ عَزّةَ أَحَدُ بَنِي مُلَيْحِ بْنِ عَمْرٍو ، مِنْ خُزَاعَةَ ُ . وَاَلّذِينَ يُعْزَوْنَ إلَى الصّلْتِ بْنِ النّضْرِ مِنْ خُزَاعَةَ ، بَنُو مُلَيْحِ بْنِ عَمْرٍو ، رَهْطُ كُثَيّرِ عَزّةَ .
[ وَلَدُ مَالِكِ بْنِ النّضْرِ وَأُمّهُ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَوَلَدَ مَالِكُ بْنُ النّضْرِ فِهْرَ بْنَ مَالِكٍ ، وَأُمّهُ جَنْدَلَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ مُضَاضٍ الْجُرْهُمِيّ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَلَيْسَ بِابْنِ مُضَاضٍ الْأَكْبَرِ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَوَلَدَ فِهْرُ بْنُ مَالِكٍ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ غَالِبَ بْنَ فِهْر ٍ ، وَمُحَارِبَ بْنَ فِهْرٍ ، وَالْحَارِثَ بْنَ فِهْرٍ ، وَأَسَدَ بْنَ فِهْرٍ ، وَأُمّهُمْ لَيْلَى بِنْتُ سَعْدِ بْنِ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَجَنْدَلَةُ بِنْتُ فِهْرٍ ، وَهِيَ أُمّ يَرْبُوعِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ يَدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ وَأُمّهَا لَيْلَى بِنْتُ سَعْدٍ . قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَطِيّةَ بْنِ الْخَطَفِيّ - وَاسْمُ الْخَطَفِيّ حُذَيْفَةُ بْنُ بَدْرِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ كُلَيْبِ بْنِ يَرْبُوعِ بْنِ حَنْظَلَةَ
[ أَوْلَادُ غَالِبٍ وَأُمّهَاتُهُمْ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَوَلَدَ غَالِبُ بْنُ فِهْرٍ رَجُلَيْنِ لُؤَيّ بْنَ غَالِبٍ ، وَتَيْمَ بْنَ غَالِبٍ ، وَأُمّهُمَا سَلْمَى بِنْتُ عَمْرٍو الْخُزَاعِيّ . وَتَيْمُ بْنُ غَالِبٍ : الّذِينَ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو الْأَدْرَمِ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَقَيْسُ بْنُ غَالِبٍ ، وَأُمّهُ سَلْمَى بِنْتُ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو الْخُزَاعِيّ وَهِيَ أُمّ لُؤَيّ وَتَيْمٍ ابْنَيْ غَالِبٍ
[ أَوْلَادُ لُؤَيّ وَأُمّهَاتُهُمْ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَوَلَدَ لُؤَيّ بْنُ غَالِبٍ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ كَعْبَ بْنَ لُؤَيّ ، وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيّ ، وَسَامَةَ بْنَ لُؤَيّ وَعَوْفَ بْنَ لُؤَيّ فَأُمّ كَعْبٍ وَعَامِرٍ وَسَامَةَ مَاوِيّةُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ الْقَيْنِ بْنِ جَسْرٍ ، مِنْ قُضَاعَةَ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَالُ وَالْحَارِثُ بْنُ لُؤَيّ وَهُمْ جُشَمُ بْنُ الْحَارِثِ فِي هِزّانَ مِنْ رَبِيعَةَ . وَسَعْدُ بْنُ لُؤَيّ وَهُمْ بُنَانَةُ فِي شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْن عُكَابَةَ بْنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ، مِنْ رَبِيعَةَ وَبُنَانَةُ حَاضِنَةٌ لَهُمْ مِنْ بَنِي الْقَيْنِ بْنِ جَسْرِ بْنِ شَيْعِ اللّهِ وَيُقَالُ سَيْعُ اللّهِ ابْنُ الْأَسْدِ بْنِ وَبْرَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ حُلْوَانَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ . وَيُقَالُ بِنْتُ النّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ ، مِنْ رَبِيعَةَ . وَيُقَالُ بِنْتُ جَرْمِ بْنِ رَبّانَ بْنِ حُلْوَانَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ . وَخُزَيْمَةُ بْنُ لُؤَيّ بْنِ غَالِبٍ ، وَهُمْ عَائِذَةُ فِي شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ . وَعَائِذَةُ امْرَأَةٌ مِنْ الْيَمَنِ ، وَهِيَ أُمّ بَنِي عُبَيْدِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ لُؤَيّ . وَأُمّ بَنِي لُؤَيّ كُلّهُمْ إلّا عَامِرَ بْنَ لُؤَيّ : مَاوِيّةُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ الْقَيْنِ بْنِ جَسْرٍ . وَأُمّ عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ مَخْشِيّةُ بِنْتُ شَيْبَانَ بْنِ مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ ؛ وَيُقَالُ لَيْلَى بِنْتُ شَيْبَانَ بْنِ مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ .
[أَمْرُ سَامَةَ بْنُ لُؤَيّ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَأَمّا سَامَةُ بْنُ لُؤَيّ فَخَرَجَ إلَى عُمَانَ ، وَكَانَ بِهَا . وَيَزْعُمُونَ أَنّ عَامِرَ بْنَ لُؤَيّ أَخْرَجَهُ وَذَلِك أَنّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ فَفَقَأَ سَامَةُ عَيْنَ عَامِرٍ فَأَخَافَهُ عَامِرٌ فَخَرَجَ إلَى عُمَانَ . فَيَزْعُمُونَ أَنّ سَامَةَ بْنَ لُؤَيّ بَيْنَا هُوَ يَسِيرُ عَلَى نَاقَتِهِ إذْ وَضَعَتْ رَأْسَهَا تَرْتَعُ فَأَخَذَتْ حَيّةٌ بِمِشْفَرِهَا فَهَصَرَتْهَا حَتّى وَقَعَتْ النّاقَةُ لِشِقّهَا ثُمّ نَهَشَتْ سَامَةَ فَقَتَلَتْهُ . فَقَالَ سَامَةُ حِينَ أَحَسّ بِالْمَوْتِ فِيمَا يَزْعُمُونَ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَبَلَغَنِي أَنّ بَعْضَ وَلَدِهِ أُتِيَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَانْتَسَبَ إلَى سَامَةَ بْنِ لُؤَيّ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ آلشّاعِرُ ؟ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ كَأَنّك يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَدْت قَوْلَهُ
رُبّ كَأْسٍ هَرَقْتَ يَا بْنَ لُؤَيّ ... حَذَرَ الْمَوْتِ لَمْ تَكُنْ مُهْرَاقَه ,,, قَالَ أَجَلْ .
[أَمْرُ عَوْفِ بْنِ لُؤَيّ وَنَقَلَتِهِ ]
[ سَبَبُ انْتِمَائِهِ إلَى بَنِي ذُبْيَانَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَأَمّا عَوْفُ بْنُ لُؤَيّ فَإِنّهُ خَرَجَ - فِيمَا يُزْعِمُونَ - فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، حَتّى إذَا كَانَ بِأَرْضِ غَطَفَانَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ أُبْطِئَ بِهِ فَانْطَلَقَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ فَأَتَاهُ ثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ أَخُوهُ فِي نَسَبِ بَنِي ذُبْيَانَ - ثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ ذُبْيَانَ بْنِ بَغِيضِ بْنِ رَيْثِ بْنِ غَطَفَانَ فَحَبَسَهُ وَزَوْجَهُ وَالْتَاطَهُ وَآخَاهُ . فَشَاعَ نَسَبُهُ فِي بَنِي ذُبْيَانَ . وَثَعْلَبَةُ - فِيمَا يَزْعُمُونَ - الّذِي يَقُولُ لِعَوْفٍ حِينَ أُبْطِئَ بِهِ فَتَرَكَهُ قَوْمُه قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزّبَيْرِ ، أَوْ مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ حُصَيْنٍ . أَنّ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ قَالَ لَوْ كُنْت مُدّعِيًا حَيّا مِنْ الْعَرَبِ ، أَوْ مُلْحِقَهُمْ بِنَا لَادّعَيْت بَنِي مُرّةَ بْنِ عَوْفٍ ، إنّا لَنَعْرِفُ فِيهِمْ الْأَشْبَاهَ مَعَ مَا نَعْرِفُ مِنْ مَوْقِعِ ذَلِكَ الرّجُلِ حَيْثُ وَقَعَ يَعْنِي عَوْفَ بْنَ لُؤَيّ
[ نَسَبُ مُرّةَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَهُوَ فِي نَسَبِ غَطَفَانَ : مُرّةُ بْنُ عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُبْيَانَ بْنِ بَغِيضِ بْنِ رَيْثِ بْنِ غَطَفَانَ . وَهُمْ يَقُولُونَ إذَا ذُكِرَ لَهُمْ هَذَا النّسَبُ مَا نُنْكِرُهُ وَمَا نَجْحَدُهُ وَإِنّهُ لَأَحَبّ النّسَبِ إلَيْنَا . وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ ظَالِمِ بْنِ جُذَيْمَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : أَحَدُ بَنِي مُرّةَ بْنِ عَوْفِ - حِينَ هَرَبَ مِنْ النّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ فَلَحِقَ بِقُرَيْشٍ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : هَذَا مَا أَنْشَدَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ مِنْهَا . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحُمَامِ الْمُرّيّ ، ثُمّ أَحَدُ بَنِي سَهْمِ بْنِ مُرّةَ بِرَدّ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ ظَالِمٍ ، وَيَنْتَمِي إلَى غَطَفَانَ :َيعْنِي قُرَيْشًا . ثُمّ نَدِمَ الْحُصَيْنُ عَلَى مَا قَالَ وَعَرَفَ مَا قَالَ الْحَارِثُ بْنُ ظَالِمٍ ، فَانْتَمَى إلَى قُرَيْشٍ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ أَيْ أَنّ بَنِي لُؤَيّ كَانُوا أَرْبَعَةً كَعْبًا ، وَعَامِرًا ، وَسَامَةَ وَعَوْفًا . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي مَنْ لَا أَتّهِمُ أَنّ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ لِرِجَالِ مِنْ بَنِي مُرّةَ إنْ شِئْتُمْ أَنْ تَرْجِعُوا إلَى نَسَبِكُمْ فَارْجِعُوا إلَيْه . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ الْقَوْمُ أَشْرَافًا فِي غَطَفَانَ ، هُمْ سَادَتُهُمْ وَقَادَتْهُمْ . مِنْهُمْ هَرِمُ بْنِ سِنَانِ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ [ بْنِ مُرّةَ بْنِ نُشْبَةَ ] ، وَخَارِجَةُ بْنُ سِنَانِ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ وَالْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ ، وَالْحُصَيْنُ بْنُ الْحُمَامِ ، وَهَاشِمُ بْنُ حَرْمَلَةَ
وَرُمْحُهُ لِلْوَالِدَاتِ مُشْكِلَهْ
وَحَدّثَنِي أَنّ هَاشِمًا قَالَ لِعَامِرِ قُلْ فِيّ بَيْتًا جَيّدًا أُثِبْكَ عَلَيْهِ فَقَالَ عَامِرٌ الْبَيْتَ الْأَوّلَ فَلَمْ يُعْجِبْ هَاشِمًا : ثُمّ قَالَ الثّانِيَ فَلَمْ يُعْجِبْهُ ثُمّ قَالَ الثّالِثَ فَلَمْ يُعْجِبْهُ فَلَمّا قَالَ الرّابِعَ يَقْتُلُ ذَا الذّنْبِ وَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ
[ مُرّةُ وَالْبَسْلُ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : قَوْمٌ لَهُمْ صِيتٌ وَذِكْرٌ فِي غَطَفَانَ وَقَيْسٍ كُلّهَا ، فَأَقَامُوا عَلَى نَسَبِهِمْ وَفِيهِمْ كَانَ الْبَسْلُ وَالْبَسْلُ - فِيمَا يَزْعُمُونَ - ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ حُرُمٍ لَهُمْ مِنْ كُلّ سَنَةٍ مِنْ بَيْنِ الْعَرَبِ قَدْ عَرَفَتْ ذَلِكَ لَهُمْ الْعَرَبُ لَا يُنْكِرُونَهُ وَلَا يَدْفَعُونَهُ يَسِيرُونَ بِهِ إلَى أَيّ بِلَادِ الْعَرَبِ شَاءُوا ، لَا يَخَافُونَ مِنْهُمْ شَيْئًا . قَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى ، يَعْنِي بَنِي مُرّةَ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : زُهَيْرُ أَحَدُ بَنِي مُزَيْنَةَ بْنِ أُدّ بْنِ طَابِخَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ ، وَيُقَالُ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى مِنْ غَطَفَانَ ، وَيُقَالُ حَلِيفٌ فِي غَطَفَانَ
. [ أَوْلَادُ كَعْبٍ وَأُمّهُمْ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَوَلَدَ كَعْبُ بْنُ لُؤَيّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مُرّةَ بْنِ كَعْبٍ ، وَعَدِيّ بْنَ كَعْبٍ ، وَهُصَيْصَ بْنَ كَعْبٍ . وَأُمّهُمْ وَحْشِيّةُ بِنْتُ شَيْبَانَ بْنِ مُحَارِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النّضْرِ .
[ أَوْلَادُ مُرّةَ وَأُمّهَاتُهُمْ ]
فَوَلَدَ مُرّةُ بْنُ كَعْبٍ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ كِلَابَ بْنَ مُرّةَ ، وَتَيْمَ بْنَ مُرّةَ وَيَقَظَةَ بْنَ مُرّةَ . فَأُمّ كِلَابٍ هِنْدُ بِنْتُ سُرَيْرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ النّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ . وَأُمّ يَقَظَةَ الْبَارِقِيّةُ امْرَأَةٌ مِنْ بَارِقٍ ، مِنْ الْأَسْدِ مِنْ الْيَمَنِ . وَيُقَالُ هِيَ أُمّ تَيْمٍ . وَيُقَالُ تَيْمٌ لِهِنْدِ بِنْتِ سُرَيْرٍ أُمّ كِلَابٍ .
[ نَسَبُ بَارِقٍ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : بَارِقٌ : بَنُو عَدِيّ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَازِنِ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ ، وَهُمْ فِي شَنُوءَةَ . قَالَ الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ
[ وَلَدَا كِلَابٍ وَأُمّهُمَا ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَوَلَدَ كِلَابُ بْنُ مُرّةَ رَجُلَيْنِ قُصَيّ بْنَ كِلَابٍ ، وَزُهْرَةَ بْنَ كِلَابٍ . وَأُمّهُمَا فَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ سَيَلٍ أَحَدِ ( بَنِي ) الْجَدَرَةِ مِنْ جُعْثُمَةَ الْأَزْدِ ، مِنْ الْيَمَنِ ، حُلَفَاءُ فِي بَنِي الدّيْلِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ كِنَانَةَ
نَسَبُ جُعْثُمَةَ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَالُ جُعْثُمَةُ الْأَسْدِ وَجُعْثُمَةُ الْأَزْدِ ، وَهُوَ جُعْثُمَةُ بْنُ يَشْكُرَ بْنِ مُبَشّرِ بْنِ صَعْبِ بْنِ دُهْمَانَ بْنِ نَصْرِ بْنِ زَهْرَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ نَصْرِ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ ، وَيُقَالُ جُعْثُمَةُ بْنُ يَشْكُرَ بْنِ مُبَشّرِ بْنِ صَعْبِ بْنِ نَصْرِ بْنِ زَهْرَانَ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ . وَإِنّمَا سُمّوا الْجَدَرَةَ لِأَنّ عَامِرَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جُعْثُمَةَ تَزَوّجَ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ مُضَاضٍ الْجُرْهُمِيّ وَكَانَتْ جُرْهُمُ أَصْحَابَ الْكَعْبَةِ . فَبَنَى لِلْكَعْبَةِ جِدَارًا ، فَسُمّيَ عَامِرًا بِذَلِك الْجَادِرِ فَقِيلَ لِوَلَدِهِ الْجَدَرَةُ لِذَلِك
[ بَقِيّةُ أَوْلَادِ كِلَابٍ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَنُعْمُ بِنْتُ كِلَابٍ وَهِيَ أُمّ أَسْعَدَ وَسُعَيْدٍ ابْنَيْ سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ ، وَأُمّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ سَيَلٍ
[ أَوْلَادُ قُصَيّ وَأُمّهُمْ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَوَلَدَ قُصَيّ بْنُ كِلَابٍ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ عَبْدَ مَنَافِ بْنِ قُصَيّ [ ص 106 ] وَعَبْدَ الدّارِ بْنَ قُصَيّ ، وَعَبْدَ الْعُزّى بْنَ قُصَيّ ، وَعَبْدَ ( قُصَيّ ) بْنَ قُصَيّ ، وَتَخْمُرَ بِنْتَ قُصَيّ ، وَبَرّةَ بِنْتَ قُصَيّ . وَأُمّهُمْ حُبَيّ بِنْتُ حُلَيْلِ بْنِ حَبَشِيّةَ بْنِ سَلُولَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو الْخُزَاعِيّ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَالُ حُبْشِيّةُ بْنُ سَلُولَ
[ أَوْلَادُ عَبْدِ مَنَافٍ وَأُمّهَاتُهُمْ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَوَلَدَ عَبْدُ مَنَافٍ - وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ قُصَيّ - أَرْبَعَةَ نَفَرٍ هَاشِمَ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ وَعَبْدَ شَمْسِ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ ، وَالْمُطَلّبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ ، وَأُمّهُمْ عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرّةَ بْنِ هِلَالِ بْنِ فَالِجِ بْنِ ذَكْوَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ بُهْثَةَ بْنِ سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ ، وَنَوْفَلَ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ وَأُمّهُ وَاقِدَةُ بِنْتُ عَمْرٍو الْمَازِنِيّةُ مَازِنُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ
[ نَسَبُ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فَبِهَذَا النّسَبِ خَالَفَهُمْ عُتْبَةَ بْنُ غَزْوَانَ بْنِ جَابِرِ بْنِ وَهْبِ بْنِ نُسَيْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَازِنِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ
[ عَوْدٌ إلَى أَوْلَادِ عَبْدِ مَنَافٍ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَأَبُو عَمْرٍو ، وَتُمَاضِرُ وَقِلَابَةُ وَحَيّةُ وَرَيْطَةُ وَأُمّ الْأَخْثَمِ وَأُمّ سُفْيَانَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ . فَأُمّ أَبِي عَمْرٍو : رَيْطَةُ امْرَأَةٌ مِنْ ثَقِيفٍ ؛ وَأُمّ سَائِرِ النّسَاءِ عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرّةَ بْنِ هِلَالٍ أُمّ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ وَأُمّهَا صَفِيّةُ بِنْتُ حَوْزَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَلُولَ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ : وَأُمّ صَفِيّةَ بِنْتُ عَائِذِ اللّهِ بْنِ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ بْنِ مَذْحِجٍ .
[ نَسَبُ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فَبِهَذَا النّسَبِ خَالَفَهُمْ عُتْبَةَ بْنُ غَزْوَانَ بْنِ جَابِرِ بْنِ وَهْبِ بْنِ نُسَيْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَازِنِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ
[ عَوْدٌ إلَى أَوْلَادِ عَبْدِ مَنَافٍ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَأَبُو عَمْرٍو ، وَتُمَاضِرُ وَقِلَابَةُ وَحَيّةُ وَرَيْطَةُ وَأُمّ الْأَخْثَمِ وَأُمّ سُفْيَانَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ . فَأُمّ أَبِي عَمْرٍو : رَيْطَةُ امْرَأَةٌ مِنْ ثَقِيفٍ ؛ وَأُمّ سَائِرِ النّسَاءِ عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرّةَ بْنِ هِلَالٍ أُمّ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ وَأُمّهَا صَفِيّةُ بِنْتُ حَوْزَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَلُولَ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ : وَأُمّ صَفِيّةَ بِنْتُ عَائِذِ اللّهِ بْنِ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ بْنِ مَذْحِجٍ .
[ أَوْلَادُ هَاشِمٍ وَأُمّهَاتُهُمْ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فَوَلَدَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَخَمْسَ نِسْوَةٍ عَبْدَ الْمُطّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ ، وَأَسَدَ بْنَ هَاشِمٍ وَأَبَا صَيْفِيّ بْنَ هَاشِمٍ وَنَضْلَةَ بْنَ هَاشِمٍ ، وَالشّفَاءَ وَخَالِدَةَ وَضَعِيفَةَ وَرُقَيّةَ وَحَيّةَ . فَأُمّ عَبْدِ الْمُطّلِبِ وَرُقَيّةَ سَلْمَى بِنْتُ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيدِ ( بْنِ حَرَامِ ) بْنِ خِدَاشِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيّ وَاسْمُ النّجّارِ تَيْمُ اللّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ . وَأُمّهَا : عَمِيرَةُ بِنْتُ صَخْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَازِنِ بْنِ النّجّارِ . وَأُمّ عَمِيرَةَ سَلْمَى بِنْتُ عَبْدِ الْأَشْهَلِ النّجّارِيّةُ . وَأُمّ أَسَدٍ : قَيْلَةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ الْخُزَاعِيّ . وَأُمّ أَبِي صَيْفِيّ وَحَيّةَ هِنْدُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيّةُ وَأُمّ نَضْلَةَ وَالشّفَاءِ امْرَأَةٌ مِنْ قُضَاعَةَ وَأُمّ خَالِدَةَ وَضَعِيفَةَ وَاقِدَةُ بِنْتُ أَبِي عَدِيّ الْمَازِنِيّةُ
أَوْلَادُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فَوَلَدَ عَبْدُ الْمُطّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ عَشَرَةَ نَفَرٍ وَسِتّ نِسْوَةٍ الْعَبّاسَ وَحَمْزَةَ وَعَبْدَ اللّهِ وَأَبَا طَالِبٍ - وَاسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ - وَالزّبَيْرَ وَالْحَارِثَ وَحَجْلًا ، وَالْمُقَوّمَ وَضِرَارًا ، وَأَبَا لَهَبٍ - وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزّى - وَصَفِيّةَ وَأُمّ حَكِيمٍ الْبَيْضَاءَ وَعَاتِكَةَ ، وَأُمَيْمَةَ ، وَأَرَوَى ، و بَرّةَ وَضِرَارٍ : نُكَيْلَةُ بِنْتُ جَنَابِ بْنِ كُلَيْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَامِرٍ - وَهُوَ الضّحْيَانُ - بْنُ سَعْدِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ تَيْمِ اللّاتِ بْنِ النّمِرِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ هِنْبِ بْنِ أَفْصَى بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارٍ . وَيُقَالُ أَفْصَى ابْنُ دُعْمِيّ بْنِ جَدِيلَةَ . وَأُمّ حَمْزَةَ وَالْمُقَوّمِ وَحَجْلٍ وَكَانَ يُلَقّبُ بِالْغَيْدَاقِ لِكَثْرَةِ خَيْرِهِ وَسَعَةِ مَالِهِ وَصَفِيّةَ هَالَةُ بِنْتُ وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ . وَأُمّ عَبْدِ اللّهِ وَأَبِي طَالِبٍ وَالزّبَيْرِ وَجَمِيعِ النّسَاءِ غَيْرَ صَفِيّةَ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النّضْرِ . وَأُمّهَا : صَخْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النّضْرِ . وَأُمّ صَخْرَةَ تَخْمُرُ بِنْتُ عَبْدِ بْنِ قُصَيّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النّضْرِ . وَأُمّ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ : سَمْرَاءُ بِنْتُ جُنْدُبِ بْنِ جُحَيْرِ بْنِ رِئَابِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ سُوَاءَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ . أَبِي لَهَبٍ لُبْنَى بِنْتُ هَاجَرَ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ ضَاطِرَ بْنِ حُبْشِيّةَ بْنِ سَلُولَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو الْخُزَاعِيّ .
[ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأُمّهَاتُهُ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فَوَلَدَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَيّدَ وَلَدِ آدَمَ مُحَمّدَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ ، صَلَوَاتُ اللّهِ وَسَلَامُهُ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ . وَأُمّهِ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النّضْر ِ . وَأُمّهَا : بَرّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدّارِ بْنِ قُصَيّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النّضْرِ . وَأُمّ بَرّةَ أُمّ حَبِيبٍ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ قُصَيّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النّضْرِ . وَأُمّ أُمّ حَبِيبٍ بَرّةُ بِنْتُ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُوَيْجِ بْنِ عَدِيّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النّضْرِ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَشْرَفُ وَلَدِ آدَمَ حَسَبًا ، وَأَفْضَلُهُمْ نَسَبًا مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
إشَارَةٌ إلَى ذِكْرِ احْتِفَارِ زَمْزَمَ
قَالَ مُحَمّدُ بْنُ إسْحَاقَ الْمُطّلِبِيّ : بَيْنَمَا عَبْدُ الْمُطَلّبِ بْنُ هَاشِمٍ نَائِمٌ فِي الْحِجْرِ ، إذْ أُتِيَ فَأُمِرَ بِحَفْرِ زَمْزَمَ ، وَهِيَ دَفْنٌ بَيْنَ صَنَمَيْ قُرَيْشٍ : إسَافٍ وَنَائِلَةٍ . عِنْدَ مَنْحَرِ قُرَيْشٍ . وَكَانَتْ جُرْهُمُ دَفَنَتْهَا حِينَ ظَعَنُوا مِنْ مَكّةَ ، وَهِيَ بِئْرُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السّلَامُ ، الّتِي سَقَاهُ اللّهُ حِينَ ظَمِئَ وَهُوَ صَغِيرٌ فَالْتَمَسَتْ لَهُ أُمّهُ مَاءً فَلَمْ تَجِدْهُ فَقَامَتْ إلَى الصّفَا تَدْعُو اللّهَ وَتَسْتَغِيثُهُ لِإِسْمَاعِيلَ ثُمّ أَتَتْ الْمَرْوَةَ فَفَعَلَتْ مِثْلَ ذَلِكَ . وَبَعَثَ اللّهُ تَعَالَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السّلَامُ ، فَهَمَزَ لَهُ بِعَقِبِهِ فِي الْأَرْضِ فَظَهَرَ الْمَاءُ وَسَمِعَتْ أُمّهُ أَصْوَاتَ السّبَاعِ فَخَافَتْهَا عَلَيْهِ فَجَاءَتْ تَشْتَدّ نَحْوَهُ فَوَجَدَتْهُ يَفْحَصُ بِيَدِهِ عَنْ الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ خَدّهِ وَيَشْرَبُ فَجَعَلَتْهُ حِسْيًا .
أَمْرُ جُرْهُمٍ وَدَفْنِ زَمْزَمَ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَكَانَ مِنْ حَدِيثِ جُرْهُمٍ ، وَدَفْنُهَا زَمْزَمَ ، وَخُرُوجُهَا مِنْ مَكّةَ وَمَنْ وَلِيَ أَمْرَ مَكّةَ بَعْدَهَا إلَى أَنْ حَفَرَ عَبْدُ الْمُطّلِبِ زَمْزَمَ ، مَا حَدّثَنَا بِهِ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ الْبَكّائِيّ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ إسْحَاقَ الْمُطّلِبِيّ ، قَالَ لَمّا تُوُفّيَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَلِيَ الْبَيْتَ بَعْدَهُ ابْنُهُ نَابِتُ بْنُ إسْمَاعِيلَ مَا شَاءَ اللّهُ أَنْ يَلِيَهُ ثُمّ وَلِيَ الْبَيْتَ بَعْدَهُ مُضَاضُ بْنُ عَمْرٍو الْجُرْهُمِيّ .
[ جُرْهُمٌ وَقَطُورَاءُ وَمَا كَانَ بَيْنَهُمَا ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَالُ مُضَاضُ بْنُ عَمْرٍو الْجُرْهُمِيّ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَبَنُو إسْمَاعِيلَ وَبَنُو نَابِتٍ مَعَ جَدّهِمْ مُضَاضِ بْنِ عَمْرٍو جُرْهُمٍ . وَجُرْهُمٌ وَقَطُورَاءُ يَوْمَئِذٍ أَهْلُ مَكّةَ ، وَهُمَا ابْنَا عَمّ . وَكَانَا ظَعَنَا مِنْ الْيَمَنِ ، فَأَقْبَلَا سَيّارَةً وَعَلَى جُرْهُمٍ مُضَاضُ بْنُ عَمْرِو ، وَعَلَى قَطُورَاءَ السّمَيْدَعُ رَجُلٌ مِنْهُمْ . وَكَانُوا إذَا خَرَجُوا مِنْ الْيَمَنِ لَمْ يَخْرُجُوا إلّا وَلَهُمْ مَلِكٌ يُقِيمُ أَمْرَهُمْ . فَلَمّا نَزَلَا مَكّةَ رَأَيَا بَلَدًا ذَا مَاءٍ وَشَجَرٍ فَأَعْجَبَهُمَا فَنَزَلَا بِهِ . فَنَزَلَ مُضَاضُ بْنُ عَمْرٍو بِمَنْ مَعَهُ مِنْ جُرْهُمٍ بِأَعْلَى مَكّةَ بِقُعَيْقِعَانَ فَمَا حَازَ . وَنَزَلَ السّمَيْدَعُ بِقَطُورَاءَ . أَسْفَلَ مَكّةَ بِأَجْيَادِ فَمَا حَازَ . فَكَانَ مُضَاضٌ يَعْشُرُ مَنْ دَخَلَ مَكّةَ مِنْ أَعْلَاهَا ، وَكَانَ السّمَيْدَعُ يَعْشُرُ مَنْ دَخَلَ مَكّةَ مِنْ أَسْفَلِهَا ، وَكُلّ فِي قَوْمِهِ لَا يَدْخُلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ . ثُمّ إنّ جُرْهُمَ وَقَطُورَاءَ ، بَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَتَنَافَسُوا الْمُلْكَ بِهَا ، وَمَعَ مُضَاضٍ يَوْمَئِذٍ بَنُو إسْمَاعِيلَ وَبَنُو نَابِتٍ : وَإِلَيْهِ وِلَايَةُ الْبَيْتِ دُونَ السّمَيْدَعِ . فَسَارَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ فَخَرَجَ مُضَاضُ بْنُ عَمْرٍو مِنْ قُعَيْقِعَانَ فِي كَتِيبَتِهِ سَائِرًا إلَى السّمَيْدَعِ وَمَعَ كَتِيبَتِهِ عُدّتُهَا مِنْ الرّمَاحِ وَالدّرَقِ وَالسّيُوفِ وَالْجِعَابِ يُقَعْقِعُ بِذَلِك مَعَهُ فَيُقَالُ مَا سُمّيَ قُعَيْقِعَانُ بِقُعَيْقِعَانَ إلّا لِذَلِك . وَخَرَجَ السّمَيْدَعُ مِنْ أَجْيَادٍ وَمَعَهُ الْخَيْلُ وَالرّجَالُ فَيُقَال : مَا سُمّيَ أَجْيَادٌ أَجِيَادًا إلّا لِخُرُوجِ الْجِيَادِ مِنْ الْخَيْلِ مَعَ السّمَيْدَعِ مِنْهُ . فَالْتَقَوْا بِفَاضِحٍ ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا ، فَقُتِلَ السّمَيْدَعُ وَفُضِحَتْ قَطُورَاءُ . فَيُقَالُ مَا سُمّيَ فَاضِحٌ فَاضِحًا إلّا لِذَلِك . ثُمّ إنّ الْقَوْمَ تَدَاعَوْا فَسَارُوا حَتّى نَزَلُوا الْمَطَابِخَ : شِعْبًا بِأَعْلَى مَكّةَ ، وَاصْطَلَحُوا بِهِ وَأَسْلَمُوا الْأَمْرَ إلَى مُضَاضٍ . فَلَمّا جُمِعَ إلَيْهِ أَمْر ُ مَكّةَ فَصَارَ مُلْكُهَا لَهُ نَحَرَ لِلنّاسِ فَأَطْعَمَهُمْ فَاطّبَخَ النّاسُ وَأَكَلُوا ، فَيُقَالُ مَا سُمّيَتْ الْمَطَابِخُ الْمَطَابِخَ إلّا لِذَلِك . وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَزْعُمُ أَنّهَا إنّمَا سُمّيَتْ الْمَطَابِخَ لَمّا كَانَ تُبّعٌ نَحَرَ بِهَا وَأَطْعَمَ وَكَانَتْ مَنْزِلَهُ . فَكَانَ الّذِي كَانَ بَيْنَ مُضَاضٍ وَالسّمَيْدَعِ أَوّلَ بَغْيٍ كَانَ بِمَكّةَ فِيمَا يَزْعُمُونَ .
أَوْلَادُ إسْمَاعِيلَ وَجُرْهُمٍ بِمَكّةَ ]
ثُمّ نَشَرَ اللّهُ وَلَدَ إسْمَاعِيلَ بِمَكّةَ وَأَخْوَالُهُمْ مِن ْ جُرْهُمٍ ، وُلَاةُ الْبَيْتِ وَالْحُكّامُ بِمَكّةَ لَا يُنَازِعُهُمْ وَلَدُ إسْمَاعِيلَ فِي ذَلِكَ لِخُئُولَتِهِمْ وَقَرَابَتِهِمْ وَإِعْظَامًا لِلْحُرْمَةِ أَنْ يَكُونَ بِهَا بَغْيٌ أَوْ قِتَالٌ . فَلَمّا ضَاقَتْ مَكّةُ عَلَى وَلَدِ إسْمَاعِيلَ انْتَشَرُوا فِي الْبِلَادِ فَلَا يُنَاوِئُونَ قَوْمًا إلّا أَظْهَرَهُمْ اللّهُ عَلَيْهِمْ بِدِينِهِمْ فَوَطِئُوهُمْ .
اسْتِيلَاءُ قَوْمِ كِنَانَةَ وَخُزَاعَةَ عَلَى الْبَيْتِ ونَفي جُرْهُمٍ
[ بَغْيُ جُرْهُمٍ بِمَكّةَ وَطَرْدُ بَنِي بَكْرٍ لَهُمْ ]
ثُمّ إنّ جُرْهُمًا بَغَوْا بِمَكّةَ وَاسْتَحَلّوا خِلَالًا مِنْ الْحُرْمَةِ فَظَلَمُوا مَنْ دَخَلَهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا ، وَأَكَلُوا مَالَ الْكَعْبَةِ الّذِي يُهْدَى لَهَا ، فَرَقّ أَمْرَهُمْ . فَلَمّا رَأَتْ بَنُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ ، وَغُبْشَانُ مِنْ خُزَاعَةَ ذَلِكَ أَجَمَعُوا مَكّةَ . فَآذَنُوهُمْ بِالْحَرْبِ فَاقْتَتَلُوا ، فَغَلَبَتْهُمْ بَنُو بَكْرٍ وَغُبْشَانُ فَنَفَوْهُمْ مِنْ مَكّةَ . وَكَانَتْ مَكّةُ فِي الْجَاهِلِيّةِ لَا تُقِرّ فِيهَا ظُلْمًا وَلَا بَغْيًا ، وَلَا يَبْغِي فِيهَا أَحَدٌ إلّا أَخَرَجَتْهُ فَكَانَتْ تُسَمّى النّاسّةَ ، وَلَا يُرِيدُهَا مَلِكٌ يَسْتَحِلّ حُرْمَتَهَا إلّا هَلَكَ مَكَانَهُ فَيُقَالُ إنّهَا مَا سُمّيَتْ بِبَكّةِ إلّا أَنّهَا كَانَتْ تَبُكّ أَعْنَاقَ الْجَبَابِرَةِ إذَا أَحْدَثُوا فِيهَا شَيْئًا
[ اسْتِبْدَادُ قَوْمٍ مِنْ خُزَاعَةَ بِوِلَايَةِ الْبَيْتِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : ثُمّ إنّ غُبْشَانَ مِنْ خُزَاعَةَ وَلِيَتْ الْبَيْتَ دُونَ بَنِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ ، وَكَانَ الّذِي يَلِيهِ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ الْغُبْشَانِيّ ، وَقُرَيْشٌ إذْ ذَاكَ حُلُولٌ وَصِرَمٌ وَبُيُوتَاتٌ مُتَفَرّقُونَ فِي قَوْمِهِمْ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ فَوَلِيَتْ خُزَاعَةُ الْبَيْتَ يَتَوَارَثُونَ ذَلِكَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ حَتّى كَانَ آخِرُهُمْ حُلَيْلُ بْنُ حَبَشِيّةَ بْنِ سَلُولَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو الْخُزَاعِيّ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : يُقَالُ حُبْشِيّةُ بْنُ سَلُولَ . تَزَوّجُ قُصَيّ بْنِ كِلَابٍ حُبّى بِنْتَ حُلَيْلٍ
[ تَوَلّي قُصَيّ أَمْرَ الْبَيْتِ وَنُصْرَةَ رُزَاحٍ لَهُ ]
فَرَأَى قُصَيّ أَنّهُ أَوْلَى بِالْكَعْبَةِ وَبِأَمْرِ مَكّةَ مِنْ خُزَاعَةَ وَبَنِيّ بَكْرٍ ، وَأَنّ قُرَيْشًا قُرْعَةُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ وَصَرِيحُ وَلَدِهِ . فَكَلّمَ رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ ، وَبَنِيّ كِنَانَةَ ، وَدَعَاهُمْ إلَى إخْرَاجِ خُزَاعَةَ وَبَنِيّ بَكْرٍ مِنْ مَكّةَ ، فَأَجَابُوهُ . وَكَانَ رَبِيعَةُ بْنُ حَرَامٍ مِنْ عُذْرَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ قَدْ قَدِمَ مَكّةَ بَعْدَ هُلْكِ كِلَابٍ فَتَزَوّجَ فَاطِمَةَ بِنْتَ سَعْدِ بْنِ سَيَلٍ وَزُهْرَةَ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ وَقُصَيّ فَطِيمٌ فَاحْتَمَلَهَا إلَى بِلَادِهِ فَحَمَلَتْ قُصَيّا مَعَهَا ، وَأَقَامَ زُهْرَةَ فَوَلَدَتْ لِرَبِيعَةَ رِزَاحًا . فَلَمّا بَلَغَ قُصَيّ وَصَارَ رَجُلًا أَتَى مَكّةَ ، فَأَقَامَ بِهَا ، فَلَمّا أَجَابَهُ قَوْمُهُ إلَى مَا دَعَاهُمْ إلَيْهِ كَتَبَ إلَى أَخِيهِ مِنْ أُمّهِ رِزَاحِ بْنِ رَبِيعَةَ ، يَدْعُوهُ إلَى نُصْرَتِهِ وَالْقِيَامِ مَعَهُ . فَخَرَجَ رِزَاحُ بْنُ رَبِيعَةَ وَمَعَهُ إخْوَتُهُ حُنّ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَمَحْمُودُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَجُلْهُمَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَهُمْ لِغَيْرِ فَاطِمَةَ فِيمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ قُضَاعَةَ فِي حَاجّ الْعَرَبِ ، وَهُمْ مُجْمِعُونَ لِنُصْرَةِ قُصَيّ . وَخُزَاعَةُ تَزْعُمُ أَنّ حُلَيْلَ بْنَ حُبْشِيّةَ أَوْصَى بِذَلِكَ قُصَيّا وَأَمَرَهُ بِهِ حِينَ انْتَشَرَ لَهُ مِنْ ابْنَتِهِ مِنْ الْوَلَدِ مَا انْتَشَرَ . وَقَالَ أَنْتِ أَوْلَى بِالْكَعْبَةِ وَبِالْقِيَامِ عَلَيْهَا ، وَبِأَمْرِ مَكّةَ مِنْ خُزَاعَةَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ طَلَبَ قُصَيّ مَا طَلَبَ . وَلَمْ نَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمْ فَاَللّهُ أَعْلَمُ أَيّ ذَلِكَ كَانَ
مَا كَانَ يَلِيهِ الْغَوْثُ بْنُ مُرّ مِنْ الْإِجَازَةِ لِلنّاسِ بِالْحَجّ
وَكَانَ الْغَوْثُ بْنُ مُرّ بْنِ أَدّ بْنِ طَابِخَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ يَلِي الْإِجَازَةَ لِلنّاسِ بِالْحَجّ مِنْ عَرَفَةَ ، وَوَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ و لِوَلَدِهِ صُوفَةُ . وَإِنّمَا وَلِيَ ذَلِكَ الْغَوْثُ بْنُ مُرّ ، لِأَنّ أُمّهُ كَانَتْ امْرَأَةً مِنْ جُرْهُمٍ ، وَكَانَتْ لَا تَلِدُ فَنَذَرَتْ لِلّهِ إنْ هِيَ وَلَدَتْ رَجُلًا أَنْ تَصّدّقَ بِهِ عَلَى الْكَعْبَةِ عَبْدًا لَهَا يَخْدُمُهَا ، وَيَقُومُ عَلَيْهَا . فَوَلَدَتْ الْغَوْثَ ، فَكَانَ يَقُومُ عَلَى الْكَعْبَةِ فِي الدّهْرِ الْأَوّلِ مَعَ أَخْوَالِهِ مِنْ جُرْهُمٍ ، فَوَلِيَ الْإِجَازَةَ بِالنّاسِ مِنْ عَرَفَةَ ، لِمَكَانِهِ الّذِي كَانَ بِهِ مِنْ الْكَعْبَةِ ، وَوَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ حَتّى انْقَرَضُوا
[ صُوفَةُ وَرَمْيُ الْجِمَارِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : حَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبّادِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الزّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ . قَالَ كَانَتْ صُوفَةُ تَدْفَعُ بِالنّاسِ مِنْ عَرَفَةَ ، وَتُجِيزُ بِهِمْ إذَا نَفَرُوا مِنْ مِنًى ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ النّفْرِ أَتَوْا لِرَمْيِ الْجِمَارِ وَرَجُلٌ مِنْ صُوفَةَ يَرْمِي لِلنّاسِ لَا يَرْمُونَ حَتّى يَرْمِي . فَكَانَ ذَوُو الْحَاجَاتِ الْمُتَعَجّلُونَ يَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ لَهُ قُمْ فَارْمِ حَتّى نَرْمِيَ مَعَك ؛ فَيَقُولُ لَا وَاَللّهِ حَتّى تَمِيلَ الشّمْسُ . فَيَظَلّ ذَوُو الْحَاجَاتِ الّذِينَ يُحِبّونَ التّعَجّلَ يَرْمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ ويستعجلونه بِذَلِكَ وَيَقُولُونَ لَهُ وَيْلَكَ قُمْ فَارْمِ فَيَأْبَى عَلَيْهِمْ . حَتّى إذَا مَالَتْ الشّمْسُ قَامَ فَرَمَى وَرَمَى النّاسُ مَعَهُ .
[ تَوَلّي بَنِي سَعْدٍ أَمْرَ الْبَيْتِ بَعْدَ صُوفَةَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ رَمْيِ الْجِمَارِ وَأَرَادُوا النّفْرَ مِنْ مِنًى ، أَخَذَتْ صُوفَةُ بِجَانِبَيْ الْعَقَبَةِ ، فَحَبَسُوا النّاسَ وَقَالُوا : أَجِيزِى صُوفَةَ فَلَمْ يَجُزْ أَحَدٌ مِنْ النّاسِ حَتّى يَمُرّوا ، فَإِذَا نَفَرَتْ صُوفَةُ وَمَضَتْ خُلّيَ سَبِيلُ النّاسِ فَانْطَلَقُوا بَعْدَهُمْ فَكَانُوا كَذَلِكَ حَتّى انْقَرَضُوا ، فَوَرِثَهُمْ ذَلِكَ مِنْ بَعْدِهِمْ بِالْقُعْدُدِ بَنُو سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ وَكَانَتْ مِنْ بَنِي سَعْدٍ فِي آلِ صَفْوَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ شِجْنَةَ .
[ نَسَبُ صَفْوَانَ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : صَفْوَانُ بْنُ جُنَابِ بْنِ شِجْنَةَ بْنِ عُطَارِدَ بْنِ عَوْفِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ . [ صَفْوَانُ وَكَرِبٌ وَالْإِجَازَةُ فِي الْحَجّ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ صَفْوَانُ هُوَ الّذِي يُجِيزُ لِلنّاسِ بِالْحَجّ مِنْ عَرَفَةَ ، ثُمّ بَنَوْهُ مِنْ بَعْدِهِ حَتّى كَانَ آخِرَهُمْ الّذِي قَامَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ كَرِبُ بْنُ صَفْوَانَ
أَمْرُ عَامِرِ بْنِ ظَرِبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عِيَاذِ بْنِ يَشْكُرَ بْنِ عَدْوَانَ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَوْلُهُ " حَكَمٌ يَقْضِي " ، يَعْنِي عَامِرَ بْنَ ظَرِبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عِيَاذِ بْنِ يَشْكُرَ بْنِ عَدْوَانَ الْعَدْوَانِيّ . وَكَانَتْ الْعَرَبُ لَا يَكُونُ بَيْنَهَا نَائِرَةٌ وَلَا عُضْلَةٌ فِي قَضَاءٍ إلّا أَسْنَدُوا ذَلِكَ إلَيْهِ ثُمّ رَضُوا بِمَا قَضَى فِيهِ . فَاخْتُصِمَ إلَيْهِ فِي بَعْضِ مَا كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ فِي رَجُلٍ خُنْثَى ، لَهُ مَا لِلرّجُلِ وَلَهُ مَا لِلْمَرْأَةِ فَقَالُوا : أَتَجْعَلُهُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً ؟ وَلَمْ يَأْتُوهُ بِأَمْرِ كَانَ أَعْضَلَ مِنْهُ . فَقَالَ حَتّى أَنْظُرَ فِي أَمْرِكُمْ فَوَاَللّهِ مَا نَزَلَ بِي مِثْلُ هَذِهِ مِنْكُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ فَاسْتَأْخَرُوا عَنْهُ . فَبَاتَ لَيْلَتَهُ سَاهِرًا ، يُقَلّبُ أَمْرَهُ وَيَنْظُرُ فِي شَأْنِهِ لَا يَتَوَجّهُ لَهُ مِنْهُ وَجْهٌ . وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا سُخَيْلَةُ تَرْعَى عَلَيْهِ غَنَمَهُ وَكَانَ يُعَاتِبُهَا إذَا سَرَحَتْ فَيَقُولُ صَبّحْتِ وَاَللّهِ يَا سُخَيْلُ وَإِذَا أَرَاحَتْ عَلَيْهِ قَالَ مَسّيْتِ وَاَللّهِ يَا سُخَيْلُ وَذَلِك أَنّهَا كَانَتْ تُؤَخّرُ السّرْحَ حَتّى يَسْبِقَهَا بَعْضُ النّاسِ وَتُؤَخّرُ الْإِرَاحَةَ حَتّى يَسْبِقَهَا بَعْضٌ . فَلَمّا رَأَتْ سَهَرَهُ وَقِلّةَ قَرَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ قَالَتْ مَا لَك لَا أَبَا لَك مَا عَرَاك فِي لَيْلَتِك هَذِهِ ؟ قَالَ وَيْلَك دَعِينِي ، أَمْرٌ لَيْسَ مِنْ شَأْنِك ، ثُمّ عَادَتْ لَهُ بِمِثْلِ قَوْلِهَا . فَقَالَ فِي نَفْسِهِ عَسَى أَنْ تَأْتِيَ مِمّا أَنَا فِيهِ بِفَرَجٍ فَقَالَ وَيْحَك اُخْتُصِمَ إلَيّ فِي مِيرَاثِ خُنْثَى ، أَأَجْعَلُهُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً ؟ فَوَاَللّهِ مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ وَمَا يَتَوَجّهُ لِي فِيهِ وَجْهٌ . قَالَ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللّهِ لَا أَبَا لَك أَتْبِعْ الْقَضَاءَ الْمَبَالَ أَقْعِدْهُ فَإِنْ بَالَ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الرّجُلُ فَهُوَ رَجُلٌ وَإِنْ بَالَ مِنْ حَيْثُ تَبُولُ الْمَرْأَةُ فَهِيَ امْرَأَةٌ . قَالَ مَسّي سُخَيْلُ بَعْدَهَا أَوْ صَبّحِي ، فَرّجْتِهَا وَاَللّهِ . ثُمّ خَرَجَ عَلَى النّاسِ حِينَ أَصْبَحَ فَقَضَى بِاَلّذِي أَشَارَتْ عَلَيْهِ بِهِ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَلَمّا كَانَ ذَلِكَ الْعَامُ فَعَلَتْ صُوفَةُ كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُ وَقَدْ عَرَفَتْ ذَلِكَ لَهَا الْعَرَبُ ، وَهُوَ دِينٌ فِي أَنْفُسِهِمْ فِي عَهْدِ جُرْهُمٍ وَخُزَاعَةَ وَوِلَايَتِهِمْ فَأَتَاهُمْ قُصَيّ بْنُ كِلَابٍ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ قُرَيْشٍ وَكِنَانَةَ وَقُضَاعَةَ عِنْدَ الْعَقَبَةِ ، فَقَالَ لَنَحْنُ أَوْلَى بِهَذَا مِنْكُمْ فَقَاتِلُوهُ فَاقْتَتَلَ النّاسُ قِتَالًا شَدِيدًا ، ثُمّ انْهَزَمَتْ صُوفَةُ وَغَلَبَهُمْ قُصَيّ عَلَى مَا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ ذَلِكَ .
[ مُحَارَبَةُ قُصَيّ لِخُزَاعَةَ وَبَنِيّ بَكْرٍ وَتَحْكِيمُ يَعْمُرَ بْنِ عَوْفٍ ]
وَانْحَازَتْ عِنْدَ ذَلِكَ خُزَاعَةُ وَبَنُو بَكْرٍ عَنْ قُصَيّ ، وَعَرَفُوا أَنّهُ سَيَمْنَعُهُمْ كَمَا مَنَعَ صُوفَةَ وَأَنّهُ سَيَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَمْرِ مَكّةَ . فَلَمّا انْحَازُوا عَنْهُ بَادَاهُمْ وَأَجْمَعَ لِحَرْبِهِمْ وَثَبَتَ مَعَهُ أَخُوهُ رِزَاحُ بْنُ رَبِيعَةَ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ قُضَاعَةَ وَخَرَجَتْ لَهُ خُزَاعَةُ وَبَنُو بَكْرٍ فَالْتَقَوْا ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا بِالْأَبْطَحِ حَتّى كَثُرَتْ الْقَتْلَى فِي الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا ، ثُمّ إنّهُمْ تَدَاعَوْا إلَى الصّلْحِ وَإِلَى أَنْ يُحَكّمُوا بَيْنَهُمْ رَجُلًا مِنْ الْعَرَبِ ، فَحَكّمُوا يَعْمُرَ بْنَ عَوْفِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ فَقَضَى بَيْنَهُمْ بِأَنّ قُصَيّا أَوْلَى بِالْكَعْبَةِ وَأَمْرِ مَكّةَ مِنْ خُزَاعَةَ ، وَأَنّ كُلّ دَمٍ أَصَابَهُ قُصَيّ مِنْ خُزَاعَةَ وَبَنِيّ بَكْرٍ مَوْضُوعٌ يَشْدَخُهُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ وَأَنّ مَا أَصَابَتْ خُزَاعَةُ وَبَنُو بَكْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَكِنَانَةَ وَقُضَاعَةَ فَفِيهِ الدّيَةُ مُؤَدّاةٌ وَأَنْ يُخَلّى بَيْنَ قُصَيّ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ وَمَكّةَ .
[ سَبَبُ تَسْمِيَةِ يَعْمُرَ بِالشّدّاخِ ]
فَسُمّيَ يَعْمُرُ بْنُ عَوْفٍ يَوْمَئِذٍ الشّدّاخَ لِمَا شَدَخَ مِنْ الدّمَاءِ وَوَضَعَ مِنْهَا . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَال : الشّدَاخُ
[ قُصَيّ أَمِيرًا عَلَى مَكّةَ وَسَبَبُ تَسْمِيَتِهِ مُجَمّعًا ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَوَلِيَ قُصَيّ الْبَيْتَ وَأَمْرَ مَكّةَ ، وَجَمَعَ قَوْمَهُ مِنْ مَنَازِلِهِمْ إلَى مَكّةَ ، وَتَمَلّكَ عَلَى قَوْمِهِ وَأَهْلِ مَكّةَ فَمَلّكُوهُ . إلّا أَنّهُ قَدْ أَقَرّ لِلْعَرَبِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ وَذَلِك أَنّهُ كَانَ يَرَاهُ دِينًا فِي نَفْسِهِ لَا يَنْبَغِي تَغْيِيرُهُ . فَأَقَرّ آلَ صَفْوَانَ وَعَدْوَانَ وَالنّسْأَةَ وَمُرّةَ بْنَ عَوْفٍ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ حَتّى جَاءَ الْإِسْلَامُ فَهَدَمَ اللّهُ بِهِ ذَلِكَ كُلّهُ . فَكَانَ قُصَيّ أَوّلَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ أَصَابَ مُلْكًا أَطَاعَ لَهُ بِهِ قَوْمُهُ فَكَانَتْ وَالرّفَادَةُ وَالنّدْوَةُ ، وَاللّوَاءُ فَحَازَ شَرَفَ مَكّةَ كُلّهُ . وَقَطَعَ مَكّةَ رِبَاعًا بَيْنَ قَوْمِهِ فَأَنْزَلَ كُلّ قَوْمٍ مِنْ قُرَيْشٍ مَنَازِلَهُمْ مِنْ مَكّةَ الّتِي أَصْبَحُوا عَلَيْهَا ، وَيَزْعُمُ النّاسُ أَنّ قُرَيْشًا هَابُوا قَطْعَ شَجَرِ الْحَرَمِ فِي مَنَازِلِهِمْ فَقَطَعَهَا قُصَيّ بِيَدِهِ وَأَعْوَانِهِ فَسَمّتْهُ قُرَيْشٌ مُجَمّعًا لِمَا جَمَعَ مِنْ أَمْرِهَا ، وَتَيَمّنَتْ بِأَمْرِهِ فَمَا تُنْكَحُ امْرَأَةٌ وَلَا يَتَزَوّجُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَمَا يَتَشَاوَرُونَ فِي أَمْرٍ نَزَلَ بِهِمْ وَلَا يَعْقِدُونَ لِوَاءً لِحَرْبِ قَوْمٍ مِنْ غَيْرِهِمْ إلّا فِي دَارِهِ يَعْقِدُهُ لَهُمْ بَعْضُ وَلَدِهِ وَمَا تَدّرِعُ جَارِيَةٌ إذَا بَلَغَتْ أَنْ تَدّرِعَ مِنْ قُرَيْشٍ إلّا فِي دَارِهِ يَشُقّ عَلَيْهَا فِيهَا دِرْعَهَا ثُمّ تَدّرِعُهُ ثُمّ يَنْطَلِق بِهَا إلَى أَهْلِهَا . فَكَانَ أَمْرُهُ فِي قَوْمِهِ مِنْ قُرَيْشٍ فِي حَيَاتِهِ وَمِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ كَالدّينِ الْمُتّبِعِ لَا يُعْمَلُ بِغَيْرِهِ . وَاِتّخَذَ لِنَفْسِهِ دَارَ النّدْوَةِ وَجَعَلَ بَابَهَا إلَى مَسْجِدِ