منتدى هذا بيان
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، تسعدنا زيارتك لنا , ويسعدنا أكثر أن تقوم بالتسجيل والمشاركة معنا فى أقسام المنتدى المختلفة وكذلك المشاركة في فرق العمل الدعوية المتنوعة ...
منتدى هذا بيان
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، تسعدنا زيارتك لنا , ويسعدنا أكثر أن تقوم بالتسجيل والمشاركة معنا فى أقسام المنتدى المختلفة وكذلك المشاركة في فرق العمل الدعوية المتنوعة ...
منتدى هذا بيان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


إسلاميات أخبار عالمية عربية مصرية علمية ثقافية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أعضاء المنتدى الكرام زوارنا الأفاضل هذا المنتدى أنشئ خصيصا للرد على العلمانييين وللتعريف بالإسلام من حيث علاقاته مع الآخرين وتعاملاته مع فئات مختلفة ونقدم بين أيديهم المشروع الإسلامى السياسى وهو أفضل مشروع وهذه محاولة منا قد تكون بسيطة لكنها بإذن الله فى موازين حسناتنا أجمعين نحن نقبل اختلاف الآراء ونقبل الرأى المخالف إذا استند إلى أدلة وبراهين وطالما نبحث عن الحق فكلنا سندا لبعض كما نود تنبيهكم بطريقة إلغاء الإعلانات الموجودة غصبا لدينا من هــــــــــــــــــــــنا والله الموفق

 

 استراتيجية حركة الإخوان المسلمين من 1928م إلى 2007م

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ورود الحق
المدير العام
ورود الحق


عدد المساهمات : 73
تاريخ التسجيل : 28/06/2011

استراتيجية حركة الإخوان المسلمين من 1928م إلى 2007م Empty
مُساهمةموضوع: استراتيجية حركة الإخوان المسلمين من 1928م إلى 2007م   استراتيجية حركة الإخوان المسلمين من 1928م إلى 2007م Empty7/2/2011, 11:20

استراتيجية حركة الإخوان المسلمين من 1928م إلى 2007م
Strategies of the Muslim Brotherhood Movement 1928-2007
المؤلف: إسرائيل إيلاد ألتمان ISRAEL ELAD ALTMAN

وصف البحث




دراسات بحثية عن العالم الإسلامي
السلسلة رقم 2، الورقة رقم 2، يناير 2009

معهد هودسون

يقوم البحث بمناقشة استراتيجيات حركة الإخوان المسلمين منذ نشأتها
في عام 1928 وحتى عام 2007 في عدة بلاد منها مصر وسوريا والأردن وفلسطين.

الرؤى والأفكار ووجهات النظر التي يتم التوصل إليها المضمنة في هذا
التقرير تعبر عن رأي من كتبها وألفها ويجب ألا تفسر على أنها موقف أو سياسة
أو قرار يخص وزارة الدفاع.




الملخص التنفيذي




لقد عملت حركات الإخوان المسلمين في مصر وسوريا والأردن حتى صارت تتمتع
بتواجد سياسي وأيديولوجي ضخم خلال ست حقب مضت من الزمان، كما تبوأت هذه
الحركات الصدارة كأكبر قوى معارضة في البلاد منذ نيف وثلاثين سنة خلت. وهذه
شقيقتهم حماس الفلسطينية التي مثلت أكبر القوى الأيديولوجية على الساحة
الفلسطينية ومن ثم كانت النتيجة حيازتها للسلطة بشكل جزئي في أوائل العام
2006. فإلى أي مدى تشترك هذه الحركات في الاستراتيجيات التي تمكنها من
الوصول إلى السلطة؟ وكيف تتنوع هذه الاستراتيجيات بتنوع الدول العربية
المختلفة؟ والإجابة المختصرة هي أنه ليس للإخوان المسلمين استراتيجية
مشتركة تجمع بين فروع الحركة في البلدان المختلفة. فالذي يميز الإخوان
المسلمون، على الرغم من غياب هذه الاستراتيجية الموحدة، هو الالتزام
بمجموعة من الأهداف السامية والتقيد الصارم ببعض المبادئ الجوهرية المتعلقة
بتلك الأهداف، بالإضافة إلى البرجماتية والمرونة عند تطبيق الاستراتيجيات
والتكتيكات التي تحقق تلك الأهداف المأمولة. فليس هناك من جدول زمني واضح
للوصول إلى هذه الأهداف، إنما الأولوية للعمل التدريجي الممنهج.

يشترك الإخوان في تفسير التاريخ وتفسير أزمة الإسلام؛ بتلك النظرة
الشمولية للإسلام على أنه دين ودولة؛ إنها الرؤية التي تسعى لإعادة الإسلام
من جديد إلى مكانه الصحيح، إلى جانب العديد من المبادئ المتعلقة بكيفية
تطبيق هذه الرؤية على أرض الواقع: من مقاومة الاحتلال الأجنبي والسعي
الحثيث لتحرير الأراضي الإسلامية من كل أشكال السيطرة والهيمنة الأجنبية،
وبناء الدولة الإسلامية التي ستطبق الشريعة، ووحدة المسلمين، ونشر الإسلام
العالمي في كل أرجاء الكون. لقد كان التقيد الصارم بالأهداف النهائية
المأمولة والمرونة في تنفيذ الاستراتيجيات والتكتيكات متوافقًا بشكل كبير
مع حركة تسعى إلى تكوين قاعدة شعبية جماهيرية وليست حركة فئوية نخبوية تضم
علية القوم وكبارهم فقط، تلك الحركة التي لا ترى نفسها قوة اجتماعية سياسية
فاعلة بين القوى الأخرى فحسب، ولكنها تنظر إلى نفسها على أنها المجتمع
المسلم الحقيقي. لقد أسهم هذا الاتجاه الانفتاحي للجماعة، التي اعتبرت
نفسها منذ نشأتها بأنها حركة عالمية ذات رسالة عالمية، في أن تصبح الجماعة
حركةً عالمية تنتشر فروعها في أكثر من 50 دولة. ويرتبط العديد من هذه
الفروع بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي يعمل بمثابة الهيئة
التمويلية والتنسيقية بين فروع الإخوان المسلمين في العالم. وعادةً ما
تتعارض سياسات الفروع المحلية لتعكس الواقع المحلي والعقبات والمعوقات
الداخلية. فبعض هذه الفروع لا يعمل تحت مسمى الإخوان المسلمين من أجل تفادى
عقبة التشريعات التي تحظر الانتماء إلى أحزاب مرتبطة بكيانات أجنبية. ولا
زالت معظم هذه الفروع تعمل في العديد من الجوانب على أنها جزء من الحركة
وتابعة للتنظيم التنظيم الدولي ومكتب الإرشاد اللذين يعملان كمنسق وحكم.

لقد ظهر كذلك أن مناطق الغموض أو "المناطق الرمادية" في موقف
الإخوان المسلمين تجاه العديد من القضايا الأساسية (مثل الشريعة الإسلامية
والجهاد والتعددية السياسية والحقوق المدنية والسياسية وحقوق المرأة
والأقليات الدينية) قد بات موقفًا متعمدًا يمثل "استراتيجية" الجماعة في
جعل رسالتها غامضة ومحيرة. وبشكل عام، فقد انتهجت جماعة الإخوان المسلمين
استراتيجيات أساسية تتلخص في ثلاثة مناحي: أولها العمل الدعوى والثاني
العمل السياسي والثالث العمل الانقلابي. وقد أثارت هذه الاستراتيجيات
خلافات عارمة داخل الصف الذي يضم العديد من الأقطار والمتنافسين والأجيال
الصاعدة. وفي كثير من الحالات، تغيّر تنظيمات الإخوان المسلمين من
استراتيجيتهم فتجنح نحو الراديكالية وذلك تبعًا لتغير الأحوال والظروف،
ولكن دون فقد البوصلة نحو الأهداف السامية. فليس هناك من أحد داخل الإخوان
اليوم يدافع عن فكرة الحصول على السلطة بالقوة من أجل التمكن من أسلمة
المجتمع باستخدام أجهزة الدولة المختلفة، لكن ربما دار بمخيلة البعض
استخدام الحل العسكري. وقد تجمع الفروع المحلية من الإخوان المسلمين بين
العمل الدعوى والعمل السياسي كما هو الحال في مصر، أو قد تمارس العمل
السياسي منفصل تمامًا عن العمل الدعوى كما هو الحال في الأردن.

لقد مرت جماعة الإخوان المسلمين المصرية، الأصل الذي تفرعت منه حركة
الإخوان المسلمين العالمية، بثلاث مراحل تاريخية لكل منها استراتيجيتها
المناسبة والمواتية. فكانت المرحلة الأولي من بداية تكوين الجماعة عام 1928
حتى ثورة 1952، الفترة التي تأثرت بالأفكار الكلاسيكية القديمة لمؤسس
الجماعة حسن البنا والتي تركزت على الجانب الدعوى ومحاولة أسلمة المجتمع
وخلق وبناء الدولة الإسلامية بأسلوب تدريجي متعدد المراحل من أسفل لأعلى.
ثم تسبب ظهور الجناح السري المسلح للجماعة ومن ثم تنافسه مع النظام المسلح
هو الآخر في الأخذ بزمام الجماعة إلى المرحلة الثانية التي بدأت بحل
الجماعة في عام 1954 وممارسة نظام عبد الناصر كافة أشكال القمع ضد أعضاء
الجماعة ونشأة الجماعات التكفيرية التي تأثرت بسيد قطب. ثم كانت المرحلة
الثالثة مع قدوم عهد الدولة الجمهورية الثانية إبان عهد السادات ومبارك حيث
رفض الإخوان خيار العنف ومعارضة الاستراتيجيات التكفيرية التي تتخذ من
العنف خيارًا استراتيجيًا لها، ثم هي، جماعة الإخوان، تركن إلى الإصلاح
والأسلمة التدريجية من خلال العمل الدعوى واستخدام المزيد من أدوات
الديمقراطية المتاحة لهم في هذا التوقيت. أدت بداية العملية السياسية في
مصر بعد فترة السبعينات إلى تقديم تسوية أيديولوجية للعبة الديمقراطية
الجديدة المتمثلة في "الإخوان الجدد". فانتهج "الإخوان الجدد" نهج الإخوان
المسلمين الكلاسيكي في المطالبة بإقامة الدولة الإسلامية التي تطبق أحكام
الشريعة الإسلامية. ففي حين أن الإخوان في الماضي قد استخدموا العمل الدعوى
والتربوي في سبيل تحقيق هذه الغايات مع الأخذ بزمام الجوانب السياسية دون
إغفالها، إلا أن "الإخوان الجدد" يركزون على الأخذ بقواعد السياسة
الديمقراطية لتكون منطلقهم الأساسي للوصول للسلطة وتكوين هذه الدولة التي
يصبون إليها. وقد صاحب هذا التغيير تحول من التوجه الكلاسيكي القديم نحو
الوحدة الإسلامية إلى توجه جديد وهو تكوين دولة إقليمية خاصة.

وعليه، فلم يتخل "الإخوان الجدد" عن المنهج القديم أو يغفلوه، لكنهم
عملوا على الجمع بين القديم والحديث مما خلق هذا التشويش الأيديولوجي.
ولقد كان الأعضاء الذي ينتمون إلى "جيل الوسط" من ناشطي الإخوان المسلمين،
ذلك الجيل الذي قاد الحركة الطلابية في الجامعات في فترة السبعينات، بمثابة
القوة الأساسية في تحويل مسار "الإخوان الجدد" في العقدين الأخيرين. حيث
التحق هذا الجيل بالإخوان وتدرج ضمن صفوفه حتى كان من قادة الاتحاد التجاري
ومن أهم مهندسي عملية نقلة الجماعة للدخول للساحة السياسية. لكن لا زالت
قيادة الجماعة اليوم في يد القادة الذين ينتمون إلى "الحرس القديم" للإخوان
والذين يتتبعون النهج الكلاسيكي في الرؤية العالمية للإخوان، كما أنهم أقل
انفتاحًا على التغيير بشكل عام، ولا يشجعون على المزيد من تسييس الجماعة
بشكل خاص.

وعلى نسق إخوان مصر، مر إخوان سوريا بمرحلة عنيفة من المكابدة
والمعاناة. فلقد عملت الجماعة في سوريا منذ بداية تأسيسها في عام 1945 حتى
وصول البعثيين إلى سدة الحكم في 1963، عملت في الجانب الدعوى فكانت حركة
إصلاحية اجتماعية سياسية تهدف إلى تطبيق الشريعة الإسلامية من خلال العمل
الدعوى والسياسي داخل النظام السياسي الحاكم ومن ثم شاركت في الانتخابات
والبرلمانات والحكومات. لكن كان هذا قبل عام 1963، فبعد هذا العام تحولت
إلى حركة ثورية تهدف إلى الإطاحة بالنظام البعثي من خلال الصراع المسلح ومن
ثم استبداله بنظام إسلامي خالص، لكن ما لبثت هذه الحركة أن أخمدت نارها
بعد هزيمة ساحقة منيت بها في عام 1982. وبعد حظرها وقمع قادتها في السجون
والمعتقلات ونفيهم من البلاد، تحولت إلى حركة معارضة سنية تقود جبهة
الإصلاح والمعارضة ضد الرئيس الأسد ونظامه معتمدةً على الوسائل الديمقراطية
في بناء الدولة الإسلامية في سوريا.

منذ نشأة جماعة الإخوان المسلمين في الأردن عام 1945، ومنذ تكوين
ذراعها السياسي المسمى بجبهة العمل الإسلامي (IAF) في عام 1992، كان لها
أجندتان مختلفتان مع أنهما وثيقا الصلة. كان أحدها تطوير الأهداف العامة
لحركة الإخوان المسلمين، من أسلمة المجتمع، إلى جانب بناء الدولة الإسلامية
التي تطبق الشريعة وترفع راية الجهاد لتحرير الأراضي الإسلامية المحتلة
وتعمل على توحيد الأمة الإسلامية تحت راية واحدة. وتمثلت الأجندة الأخرى في
دعم القضية الفلسطينية التي تشهد رواجًا قوميًا في الأردن أكثر من أي بلد
عربي آخر.

لقد قامت حركة الإخوان المسلمين في الأردن بمباركة الملكية والنظام
الأردني. وقد تمتعت الحركة خلالها عقودها الثلاثة الأولى بتحالف تكافلي مع
الدولة الأردنية، الأمر الذي مكنها من تكوين شبكة هائلة من المؤسسات
والخدمات والمشاريع الخيرية، فقامت هذه المؤسسات بنشر الدعوة ودعم قوة
الحركة السياسية في البلاد. ولم يقدر لهذا التحالف أن يستمر حيث انتهى في
الثمانينات حينما حل الإسلام محل الاشتراكية والقومية العربية كتحدٍ
أيديولوجي رئيسي للملكية في الأردن.

وكان العامل الأساسي الآخر الذي أدى إلى إنهاء ذلك التحالف بين
إخوان الأردن والنظام الملكي هو تنامي نفوذ العنصر الفلسطيني جغرافيًا
وفكريًا داخل الحركة. فقد نتج عن التحالف السابق بين الإخوان والدولة نوع
غير مستقر من التعايش، الذي تطور تدريجيًا ليصبح صراعًا سياسيًا وجهودًا
منظمة من جانب الدولة لاحتواء قوة الإخوان والحد من نفوذهم. ولقد أدى تطرف
الإخوان وحماسهم الزائد للأجندة الفلسطينية إلى التساؤل عما إذا كانت
الحركة لا تزال أردنية خالصة أم لا. ففي الوقت الذي كانت فيه معظم حركات
الإخوان في الدول العربية الأخرى قد نبذت العنف واستبدلته بالوسطية، بدت
الحركة في الأردن وكأنها تمضي في الاتجاه الآخر المغاير. أما حركة الإخوان
المسلمين في فلسطين فقد رفعت منذ تأسيسها عام 1946 حتى عام 1987 لواء
الجهاد والصراع المسلح ضد إسرائيل، والذي مارسته ودافعت عنه جماعات
فلسطينية أخرى، ووضعت ذلك في المرتبة الثانية في سلم أولوياتها. بينما
احتلت فكرة أسلمة المجتمع قمة أولويات الحركة. فالحركة ترى أن وجود إسرائيل
منذ البداية قد نجم عن ضعف العالم الإسلامي وتخليه عن إسلامه. فإذا تم
إحياء الإسلام والنهوض به يمكن للدولة الإسلامية التي توحدت تحت راية واحدة
أن تهزم إسرائيل.

إن نموذج حماس يبدوا مختلفًا إلى حد كبير مقارنةً بحركات الإخوان
الأخرى. حيث فرض الواقع على الإخوان في فلسطين تشكيل حركة المقاومة
الإسلامية حماس في أواخر ديسمبر عام 1987 بعد اندلاع الانتفاضة الأولى.
ولقد كانت حماس هي أول حركة إسلامية تنتمي للإخوان المسلمين تصل إلى السلطة
من خلال انتخابات برلمانية. فبعد فشل الحركات في السودان والجزائر، بات
الأمل منعقدًا على حماس فترقبتها عيون الإسلاميين في كل مكان. وعلى الرغم
من ذلك، فقد باتت تجربة حماس فريدة إلى حد بعيد، حيث حققت الفوز ليس فقط
لأنها تعاني من الاحتلال الأجنبي، لكن أيضًا بمعرفة هذا الاحتلال من جهة
والموقف السياسي داخل السلطة الفلسطينية من جهة أخرى.

لقد بدت حماس مختلفةً عن الحركات الإسلامية الأخرى في مصر والأردن
من ناحية أنها جماعة دعوية تحاول أسلمة المجتمع الفلسطيني من خلال التعليم
والأعمال الخيرية والمضي قدمًا في تشكيل الدولة الإسلامي، كما أنها إلى
جانب ذلك حركة "مقاومة". لقد بقيت حماس محافظةً على وجود تلك الهويتين،
الدعوة والمقاومة، حتى دخلت إلى معترك الممارسات السياسية المتمثلة في
الانتخابات. فقد باتت حماس بعدها في حيرة حيث لم تقدر على التنسيق بين
كونها حكومة مسئولة عن حياة الشعب، وبين كونها حركة مسلحة ثورية مما زاد من
صعوبة تعقيد الموقف وعدم القدرة على حله.

فهناك قضية هامة تشغل فكر حركات الإخوان حينما يدخلون معترك السياسة
ويتطلعون إلى الاستفادة من هامش الديمقراطية الذي يتاح لهم ليتمكنوا من
المشاركة في العملية الانتخابية، هذه القضية هي تحديد طبيعة الدولة
الإسلامية التي يسعون إلى تحقيقها. فالكثير من مفكري الإخوان ومنظماتهم
الفكرية يعتنقون أفكار قديمة متنوعة أو يلتزمون بفكر الإمام البنا المؤسس
الأول للجماعة. فهم يستهدفون إقامة الدولة الإسلامية التي تطبق الشريعة
الإسلامية التي تمثل حكم الله وهي فقط الدولة المعترف بها من الناحية
الشرعية. فعلة إقامة الدولة تتمركز في تطبيق الشريعة الإسلامية دون إمعان
النظر في الشكل المقترح لها هل هي خلافة أم شكل آخر. إنها الدولة التي
تستمد شرعيتها من حكم الله فالقرآن دستورها ويأخذ حاكمها شرعيته من البيعة
التي يتلقاها من أهل الحل والعقد المنتخبين من قبل جمهور العامة، وكذلك
يستمد الحاكم قوته من الشورى التي يمارسها بالتعاون مع أهل الحل والعقد.
وشرط الحاكم عندهم أن يكون مسلمًا ذكرًا. وقد تميزت عقيدة "الإخوان الجدد"
بأن كانت أكثر ملائمة مع أفكار الديمقراطية وقواعدها. وعليه فهم يدعون بأن
هدفهم ليس قيام دولة دينية أو حكومة دينية لكنهم يهدفون إلى قيام دولة
مدنية ذات مرجعية إسلامية، حيث تكون قواعد الانتماء فيها مبنية على
المواطنة وليس الدين، ويكون الناس فيها على قدم المساواة في الحقوق
والواجبات. ثم يأتي البديل لذلك النظام فيكون مثال الدولة أن تكون دولة
مدنية ذات خلفية ثقافية إسلامية.

لكن كل هذه الأنظمة لا تنفي العقيدة الإسلامية الراسخة في بناء
الدولة الإسلامية لتنفيذ الإرادة الربانية لذلك من خلال إقامة شرعه السماوي
على أرضه. ففي حين أن الأمة أو الشعب هو مصدر السلطة التي يحكم بموجبها
الحاكم من خلال مؤسساته الخاصة بالشورى أو البيعة، فإن مصدر عزة الدولة وسر
شرعيتها يرجع إلى الله. ولن تكون دولة بهذه الصفات أبدًا إلا دولة دينية
بحتة. والجدير بالذكر هنا أنه لم يشأ أي مفكر أو أية منظمة تابعة للإخوان
أن يقبل بالفصل بين الدولة والدين. لقد سار منهج الإخوان قديمًا على تحريم
الدخول في أي نوع من التحالفات أو المشاركات أو الكتل السياسية، لكن
الإخوان الجدد بعد أن خاضوا غمار السياسية قرروا عرض بعض التحالفات مع قوى
سياسية أخرى لكنها لم تأخذ صفة التحالفات السياسية القوية المستمرة بعيدة
المدى. وربما يعكس هذا الاتجاه خوف الجماعة من الاختراق أو أن يسيء هذا
التحالف السياسي أو يؤدي إلى تآكل القواعد والأسس التي بنيت عليها الدعوة
منذ نشأتها. لذا تبنى إخوان سوريا في الأعوام المنصرمة هذا المدخل وشكلوا
جبهة الإنقاذ الوطني برئاسة نائب رئيس سوريا الأسبق خدام الذي كان عدوًا
للإخوان وبعض الجماعات الأخرى.

وقد أثارت السبل التي سلكتها منظمات الإخوان المختلفة الشكوك في
الحوار المتفائل بشأن "تخفيف التأثير"، الذي كان يدور في بعض الأحيان من
أجل تشجيع الحركات الإسلامية على خوض غمار السياسات الديمقراطية والمشاركة
في العمليات الانتخابية. يزعم حوار "تخفيف التأثير" أنه فور التحاق هذه
الحركات الإسلامية بالنظام والاقتراب من القوى السياسية، فستقوم هذه
الحركات بتعديل أيديولوجياتها طبقًا للأوضاع الجديدة والواجبات التي يفرضها
الواقع على هذه الحركات تجاه دوائرها الانتخابية. فلقد فازت حماس في
الانتخابات وشكلت الحكومة، لكن لم تفيدها هذه التجربة في أن تنهج النهج
المعتدل على مستوى رؤاها وأفكارها كما أنها لم تغير من سياستها في الاعتماد
على المقاومة المسلحة وحركة المقاومة للحزب السياسي البرجماتي الحاكم. وقد
أدى التقدم الانتخابي لكفة الإخوان المسلمين في مصر إلى إضفاء نوع جديد من
القوة والاستعداد لتحدي النظام، لكن لم يؤد بالجماعة إلى صف الاعتدال
والتوسط المرجو.




المقدمة




هل هناك حقًا استراتيجيات يعمل بها الإخوان المسلمون؟ وإذا كنا نعني
بالاستراتيجية خطة العمل طويلة المدى التي تستهدف تحقيق هدف محدد بجدول
زمني معين بالتوافق مع أهداف مرحلية وحلول أخرى بديلة، فليس هناك أي نوع من
الاستراتيجية يمكن أن نقول بأن حركة الإخوان بكل فروعها تعمل وفقًا لها.
لكن بوسعنا أن نقول بأن الإخوان يعتمدون على التزام صميم لمجموعة من
الأهداف العامة وبالطبع فهم يعتمدون على التزام صارم بكل الأسس المتعلقة
بتلك الأهداف. هذا ويتم ذلك بالتوافق مع الواقعية والمرونة طالما أن
التكتيكات والاستراتيجيات تلبي حاجة تلك الأهداف وتغذي تطلعاتها. فليس هناك
من جدول زمني لتحقيق هذه الأهداف لكن يأخذ التقدم التدريجي المنهجي حظه
كأولوية في التقدم.

ويشترك الإخوان جميعهم في تحليل التاريخ وخاصةً أزمة الإسلام، تلك
النظرة التي تعتمد على القول بأن الإسلام هو دين ودولة ولا يمكن الفصل
بينهما. ثم يشتركون كذلك في رؤيتهم لعودة الإسلام لمكانه الطبيعي كما أنهم
يشتركون في العديد من التصورات التي تهدف إلى رؤية الواقع التي تتمثل في
مقاومة الاحتلال الأجنبي وتحرير الدول الإسلامية من أي نوع من السيطرة
الأجنبية عليها وكذلك إنشاء الدولة الإسلامية التي تحكم بالشريعة وتوحيد
المسلمين تحت رايتها فتنشر الإسلام كدين عالمي صالح لكل مكان في العالم.
وعليه فقد اتخذت جماعة الإخوان استراتيجيات ثلاث من أجل الوصول للسلطة
وإقامة الدولة الإسلامية: العمل الدعوى والمشاركة السياسية والعنف. هذا وقد
خلقت هذه الاستراتيجيات اختلافات عريضة بين صف الإخوان الداخلي والآخر من
جهة وبين الجماعات المنافسة أو الأجيال الأخرى المختلفة داخل الجماعة من
جهة أخرى. وعلى كل حال فقد طورت الجماعة من استراتيجياتها وربما كانت بعض
الوقت متطرفةً راديكالية تبعًا للظروف المتغيرة على الساحة لكنه دون فقد
بوصلتها نحو الأهداف العامة للجماعة.

وتستند فكرة الجمع بين الالتزام الصارم بالأهداف العامة والمرونة في
الاستراتيجيات والتكتيكات المؤدية له إلى الرؤية الفقهية للقيادي الفقيه
في الجماعة الشيخ يوسف القرضاوي الذي لم يبح أي نوع من التدخل أو التسامح
فيما يخص أساسيات الدين طالما أن النص الصريح قد بات جزءًا من القرآن أو
صحيح السنة، لكن يسمح بالمرونة والتدخل في الفروع حيث لا يوجد النص القاطع
بالحكم. ويتوافق هذا المبدأ وسعي الحركة في أن تكون حركة شعبية غير مؤصدة
الأبواب فهي تسعي إلى ضم الكثير والكثير من الأعضاء دون إغلاق الباب على
الصفوة والمختارين لذا فهي لا تري نفسها على أنها حركة وحسب، لكنها تري
نفسها وكأنها المجتمع الإسلامي الحقيقي على أرض الواقع.

وقد ساعد هذا النوع من المزج الحركة في الظهور وكأنها حركة عالمية
تنتشر في أكثر من خمسين دولة. لقد بدأت حركة الإخوان منذ تأسيسها وكأنها
حركة عالمية، وقد تم التركيز على وجهتها العالمية منذ إعلانها للتنظيم
الدولي للإخوان الذي تشكل في عام 1982 الذي يهدف إلى التنسيق بين فروع
الإخوان العالمية ومن ثم خرق الأقليات الإسلامية في الغرب بعد أن تزايد
نفوذها وتنامي عددها. ويقول الإعلان بأن الإخوان حركة شمولية إسلامية تهدف
إلى تطبيق شرع الله على الأرض وتبليغ دعوة الله إلى العالمين كافة وإلى
المسلمين خاصةً وتحرير الدول الإسلامية من نير الحكم غير الإسلامي ومساعدة
الأقليات الإسلامية في كل مكان. وفوق كل ذلك، فهم يهدفون إلى السعي الحثيث
لتوحيد المسلمين تحت راية واحدة وتشكيل الدولة الإسلامية التي تطبق أحكام
الإسلام وتشريعاته.

كما يقول المستند بأن الجماعة تهدف كذلك إلى إعداد الأمة للجهاد،
لذا فهي تشكل الجبهة الوحيدة ضد المحتلين أعداء الله كما أنها تسعى إلى
بناء الدولة الإسلامية على النسق الذي كانت عليه دولة الخلفاء الراشدين.
وهو الأمر الذي يدعو إلى جهاد الدفع وليس جهاد الطلب. وقد دعمت وثيقة أخرى
لإعلان التنظيم الدولي للإخوان مثل هذه الرؤى، فهي تؤكد على أنها تعمل وفق
خطة عملية لنشر الإسلام بالشكل التدريجي السلمي بعيد المدى. وتحت عنوان
"نحو استراتيجية عالمية للسياسة الإسلامية"، دعت الوثيقة إلى ممارسة فن
الممكن مع الحفاظ على الأسس العامة دون الدخول في مصارعات وجولات تصادمية
مع المنافسين لا في الداخل ولا في الخارج. فمن المتوقع حينئذ أن يتحرك
هؤلاء المنافسون فيهاجموا الدعوة والعاملين بها. كما تدعو الوثيقة إلى دعم
حركات الجهاد في العالم الإسلامي، لكنها لم تذكر أي نوع من الجهاد خارج هذا
النطاق.

وفي الواقع يعمل التنظيم الدولي للإخوان وكأنه اتحاد أو خلية طليقة
ويتمركز نشاطه الأساسي في التمويل والتنسيق. وقد أكدت لائحة الإخوان
الأساسية للتنظيم الدولي التي تم التوافق عليها في 29 يونيو 1982 على
رؤية التنظيم المتمركز حيث تكون القيادة المركزية للجماعة، المرشد العام
ومكتب الإرشاد ومجلس الشورى العام، وهي السلطة العليا في تمرير القرارات
السياسية التي تقع على درجة من الأهمية ويتم التصديق عليها من جانبهم. وبعد
صراع طويل المدى بين قيادة التنظيم الدولي المصرية والفروع العالمية
الأخرى، تم التوافق على تطبيق اللامركزية التي تعطي كل فرع أحقية اتباع
الاستراتيجية التي يرى فيها الصواب إذ أن أهل مكة أدرى بشعابها ويكون دور
قيادة التنظيم الدولي متمركزة فقط في التنسيق والتوجيه وليس في الأمر
والتنفيذ. من جانبه أكد على صدر الدين البيانوني المراقب العام للإخوان
المسلمين في سوريا على أن الإخوان في سوريا قد نسقوا مع جماعات معارضة
سورية أخرى وليس مع جماعات الإخوان الأخرى. فقد رجع إخوان سوريا بالقرار
فقط للتنظيم الدولي من أجل مناقشته لكنهم قد قطعوا فيه بالفعل.

لقد فقد التنظيم الدولي قسطًا كبيرًا من نفوذه على الفروع المتعددة
وكان هذا نتيجة احتكار الإخوان في مصر لمنصب المرشد العام في حين باتت
جماعة الإخوان في مصر محظورة تواجهها العديد من التحديات حول نشاطاتها.
وفوق كل ذلك، فقد كان المرشدون الآخرون يتمتعون بخبرة تنظيمية عالية
الكفاءة لكنهم لم يكونوا على درجة عالية من الفقه والعلم، كما تم منعهم من
السفر للخارج من قبل السلطات المصرية الأمر الذي قلل من حضورهم على صعيد
التمثيل العالمي للجماعة. إضافة لذلك، فقد أدى تزايد العوائق التمويلية
الدولية منذ الحادي عشر من سبتمبر إلى التقليل من قدرات التنظيم الدولي على
الإنفاق والتمويل ومن ثم قل تأثيره على بقية الفروع.

وتبدو سياسات فروع الإخوان الإقليمية متناقضة في الكثير من الأحيان.
فقد دعم الإخوان في الأردن صدام حسين وهم الآن يدعمون بشار الأسد رغم ما
يتعرض له الإخوان من اضطهاد في كلتا البلدين (ففي سوريا يتم إصدار حكم
الإعدام على المنتمين للإخوان هناك). هذا وقد حاولت جماعة الإخوان في سوريا
أن تستغل استضافتها لأعضاء حماس البارزين ومن ثم تفعيل وجودها مع فروع
الإخوان الأخرى بالتعاون مع التنظيم الدولي، لكن رفض مكتب الإرشاد هذه
الفكرة رغم أن نائب رئيسه هو حسن الهويدي والمراقب العام لسوريا هو على صدر
الدين البيانوني وهما من أعضاء الإخوان البارزين. ثم اعتزلت كذلك حركة
الإخوان في الكويت الجماعة حينما عارضت الجماعة فكرة تحالف دولي ضد صدام
بعد احتلاله للكويت. هذا وقد سعت فروع أخرى للإخوان في تسمية أنفسها بغير
تسمية الإخوان من أجل تفادى منع الشرعية عنها ومن ثم حريتها في تشكيل أحزاب
تابعة لها، كما أنها تريد أن تتفادى تهمة الاتصال بقوى أجنبية خارج نطاق
البلاد. لكن لا زالت هذه الفروع تحافظ على كونها جزءًا من جماعة واحدة
وتتخذ من التنظيم الدولي ومكتب الإرشاد المنسق والحكم العام للجمع بينها.

وقد أكد المراقبون على وجود الكثير من النقاط الغامضة والمناطق
الرمادية في مواقف الإخوان المسلمين تجاه الكثير من القضايا الرئيسية مثل
القانون الإسلامي والجهاد والتعددية السياسية والحقوق المدنية والسياسية
وحقوق المرأة والأقليات الدينية. وقد تم تفسير هذا النوع من الغموض على أنه
ناتج عن التوتر الدائر بين الأهداف القديمة لبناء الدولة الإسلامية ومن ثم
عدم الالتفات لأي نوع من التسوية فيما يخص الشريعة الإسلامية، والأهداف
الجديدة حيث يتمتع الإخوان فيها بدور رائد في ظل النظام التعددي
الديمقراطي. وفي الحقيقة، فليس هناك أي نوع من التوتر بين الأهداف القديمة
والأهداف الجديدة، فالأهداف القديمة لا زالت هي الأهداف، لكن من أجل
الحصول على كارت المشاركة في اللعبة السياسية يكون هذا الهدف جزءًا من
الاستراتيجية التي ترنو لتحقيق هذه الأهداف. فإذا لم يقر المشاركون في
اللعبة السياسية من جماعة الإخوان تلك المواقف التي باتت في حيز الغموض،
الأمر الذي يدعو الغرب للمطالبة بنوع ما من التحقق والتثبت من المواقف،
فسوف يتم القضاء بأن هذه المواقف ستكون حتمًا ضد عقائد الإخوان ومفاهيمهم
الأساسية.

لقد اعتمد الإخوان على سياسة المرونة التكتيكية الاستراتيجية التي
تؤدي إلى وجود هذا النوع من الحيرة والتشكيك في رسالتهم. فها هو مؤسس
الجماعة حسن البنا ينصح إخوانه قائلاً "إنه من الخطأ أن تكون صريحًا
مكشوفًا أمام القانون" فالسرية ضرورية إذن لكل حركة وخاصةً إذا كانت في أوج
بدايتها إن هي أرادت الحفاظ على بقائها. وفي مقابلة تلفزيونية مع
القرضاوي سأله المحاور قائلاً: لكن فضيلة الشيخ يعني في تركيا مثلا أو في
حزب العدالة والتنمية في المغرب هم لا يقولون بأنهم حزب إسلامي وإنما أشخاص
في هذا الحزب يحملون قناعات إسلامية وليس حزبا إسلاميا بالمفهوم الإسلامي؟
أجاب قائلاً "هم لا يقولون هذا، إحنا إيه يهمنا القول أو الفعل؟ هم لا
يريدون أن يثيروا الآخرين إنما عمليا معروف أن هؤلاء حزب إسلامي هم أبناء
أربكان هم الذين كونوا من قبل حزب السلامة وحزب الرفاة وحزب كذا ولكنهم لم
يريدوا أن يعلنوا، أنا لا يهمني الإعلان أنا يهمني العمل ممكن الواحد يقول
أنا إسلامي ولكنه ليس إسلاميا يعني في الحقيقة حزب العدالة والتنمية في
تركيا أو في المغرب أو كذا هي أحزاب إسلامية من غير شك وماضيها كله يدل..
أشخاص.. كل يدل على هذا.". كما تناول النائب الأول للمرشد العام للإخوان
المسلمين بمصر، محمد حبيب، قضية الأقباط في مصر وتم نشرها على الموقع
الإنجليزي للإخوان ومن ثم التأكيد على السماح لهم بممارسة كافة حقوقهم ومن
ثم توليهم المناصب العامة "بما في ذلك منصب رئيس الجمهورية" ، في حين أن
نفس المقال قد تم نشره على الموقع العربي للإخوان لكنه قال فيه "ولا يدخل
في ذلك منصب رئيس الجمهورية .




الإخوان المسلمون في مصر



لمحة تاريخية




تدخل جماعة الإخوان المسلمين اليوم في مرحلتها التاريخية الثالثة منذ
نشأتها. حيث بدأت المرحلة الأولى منذ تأسيس الجماعة عام 1928 حتى ثورة 1952
في ظل عهد الملكية المصرية والوجود الإنجليزي، وتلك كانت مرحلة التشكيل
الكلاسيكي العقدي للإخوان ومرحلتهم المتقدمة في التكيف الأيديولوجي وسياسات
الحزب. ثم تواجد الجناح العسكري للجماعة فما لبث أن تصارع مع النظام
الثوري المسلح فدخلت الجماعة في مرحلتها التاريخية الثانية حيث حل نظام عبد
الناصر الجماعة في عام 1954 ثم قمعهم في غياهب المعتقلات فكانت الإعاقة
التنظيمية التي حلت بصف الجماعة ثم ظهور الحركات التكفيرية المتأثرة
بكتابات سيد قطب. ثم جاءت المرحلة التاريخية الثالثة بالتزامن مع الجمهورية
الثانية التي قادها السادات ومن بعده مبارك حيث رفضت جماعة الإخوان
الانعزال والتكفير والعنف وبادرت بالإصلاح والتغيير التدريجي المتصاعد من
أسفل إلى أعلى مع التوافق مع آليات النظام السياسي القائم. في بداية هذه
الفترة من السبعينات حتى الثمانينات، شهدت تحالفًا بين النظام والجماعة
التي قامت بدورها في مجابهة اليسار ثم هي تفتح نشاطها وأعمالها رغم أنها لا
تزال محظورةً غير شرعية فلا تعلم مكان وجودها على الصعيد الرسمي. لقد سمحت
لهم تلك الأجواء بالتوسع بعيد المدى ثم التوغل في مؤسسات المجتمع المدني
وممارسة النشاط السياسي والمشاركة في الانتخابات العامة. ثم ما كان من
تمادي الإخوان في اختراق منظمات المجتمع المدني والفوز في الانتخابات في
الثمانينات وحتى منتصف التسعينات إلا أن أشعل فتيل النار بين النظام
والإخوان حينما أدرك النظام أنهم باتوا خطرًا حقيقيًا، فكانت حقبة منتصف
التسعينات فصاعدًا هي حقبة التصادم المعلن بين الإخوان والنظام الذي أعلن
من جانبه سعيه لاحتواء الإخوان والقضاء على أنشطتهم والتقليل من نفوذهم.

فمع فتح باب العملية السياسية في مصر منذ السبعينات خلفت تلك
العملية ما يعرف بالتسوية الأيديولوجية مع اللعبة الديمقراطية الجديدة التي
كان يقودها من عرفوا "بالإخوان الجدد". سعى الإخوان الجدد مثلهم في ذلك
مثل الإخوان القدامى إلى تكوين دولة إسلامية تحكم بالشريعة الإسلامية وتطبق
أحكامها. وفي حين ارتكزت أدوات القدامى من الإخوان على العمل الدعوى
التربوي في تكوين معالم هذه الدولة، سعى الإخوان الجدد في الوصول للسلطة
باستخدام الوسائل الديمقراطية وسياساتها الجديدة. لذا كان هذا التحول في
أيديولوجية الإخوان القديمة التي توجهت نحو الوحدة الإسلامية لتركز اليوم
على بناء دولة.

لكن لم تشأ تلك الاستراتيجية السياسية إلا أن وقفت أمامها تحديات
الإسلاميين المتطرفين العازمين على إقامة الدولة الإسلامية باستخدام العنف
ضد الدولة ومحاولة أسلمتها من أعلى إلى أسفل. والجدير بالذكر، أن أتباع سيد
قطب والتكفيريون وجماعات الجهاد في السبعينات والثمانينات قد رفضوا أفكار
الديمقراطية والتعددية السياسية والبرلمان والقوانين البشرية والانتخابات
والأحزاب السياسية واصفين إياها بالردة. ثم هم بالكيفية ذاتها يرفضون
المشاركة في النظام السياسي المصري ومؤسساته لأنهم يعتقدون بأنها كيانات
غير إسلامية مستقاة من العالم الغربي الكافر وهي دولة جاهلية كافرة.

وقد كان من أهم القوى الدافعة للإخوان الجدد هو ميلاد الجيل الثاني
للإخوان أو ما يعرف بجيل الوسط الذي تشكل من طلاب الجماعات الإسلامية في
السبعينات فالتحق بالإخوان ليصبح من قادة التحالف التجاري ثم يخطط هذا
الجيل بعد ذلك لدخول الجماعة إلى الساحة السياسية واقتحامها. لكن لا زالت
هناك قيادات الإخوان من الحرس القديم يرون فكرة الإخوان في حيزها العالمي
أمثال المرشد العام للإخوان محمد مهدي عاكف إلى جانب العديد من أعضاء مكتب
الإرشاد وغيرهم ممن كانوا ضمن أعضاء النظام الخاص للإخوان ومن تخرجوا من
معتقلات عبد الناصر، فهؤلاء جميعًا باتوا أكثر حذرًا لذا فهم لا يسعون لدفع
الجماعة إلى الانفتاح والتوسع وتعزيز مركزها السياسي بشكل خاص.

وتختلف الرؤى بين الحرس القديم في الإخوان والجيل الثاني أو الإخوان
الجدد حول أكثر القضايا سخونةً وأهمها مكانةً في تمثيل هوية الجماعة
وأهدافها. لقد رأى حسن البنا جماعة الإخوان التي غرس شجرتها بيده على أنها
جسم إسلامي شامل نابض ينشر دعوة الإسلام ويكون بمثابة مصدر شرعي وأخلاقي
لسلطة الإسلام، لذا فهو فوق أي نوع من السياسات والأحزاب المحلية الجزئية.
لقد كانت نظرته أبعد من أن تكون متمركزةً في مصر، لقد كان هدفه نشر الإسلام
كدين عالمي ومن ثم إنشاء دولة الإسلام العالمية وخلافته الراشدة. ثم بدأ
مناط الخلاف يتمركز حول نقطة خلافية: هل يركز الإخوان على عالمية الدولة
الإسلامية ومن ثم حركة الإخوان كحركة عالمية أم يركزون على الدولة المصرية
كجزء من تلك المنظومة. أم هل تبقى دعوة الإخوان دعوة تتعدى السياسة أم يمكن
تحويلها إلى حزب سياسي في المقابل؟ وما هي طبيعة الدولة الإسلامية التي
يسعى الإخوان لإقامتها: وهل سيكون مبدأ المواطنة فيها راجع إلى الدين أم
البلد فإن كان يرجع للبلد فكيف يتم الحكم على الدولة إذن بأنها إسلامية؟
ففي العقدين الأخيرين، امتزج الجيل الثاني بالحرس القديم بعدما أخذت حركة
الإخوان عزمها في المشاركة السياسية التي تحمل أعباءها الناشطون المنتمون
للجيل الثاني من الإخوان، لكن لم يصب الواقع بأي نوع من التغيير المصاحب
لهذه الاستراتيجية. وخير دليل على ذلك هذا الاتجاه الرسمي للجماعة الذي
يقوده المرشد العام ونائباه الذي يأخذ من عقائد الإخوان القديمة منهجًا له.
لكن لابد من الأخذ في الاعتبار أن المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر
هو الذي يرأس حركة الإخوان العالمية حيث منصبه كمرشد عام للتنظيم الدولي
للإخوان المسلمين. لذا فهو بحكم المنصب يتمتع بعالمية حركة الإخوان أكثر من
غيره.

بيان الرسالة الكلاسيكية




كتب بيان الإخوان المسلمين هذا أعلى سلطة تنظيمية لحركة الإخوان
المسلمين، مؤسسها حسن البنا وأسماها "أهداف الإخوان" وهو البيان المنشور
على الموقع الرسمي للجماعة باللغة العربية. عرف البيان أهداف الجماعة نصًا
كما يلي: "نحن نريد الفرد المسلم، والبيت المسلم، والشعب المسلم، والحكومة
المسلمة، والدولة التي تقود الدول الإسلامية، وتضم شتات المسلمين وبلادهم
المغصوبة، ثم تحمل علم الجهاد ولواء الدعوة إلى الله تعالى حتى يسعد العالم
بتعاليم الإسلام".

وقد ارتكز الإخوان القدامى في تنفيذ هذه الاستراتيجية إلى العمل
الدعوى التربوي. فها هو البنا يري ضرورة التدرج في أسلمة المجتمع والوصول
لتشكيل الدولة الإسلامية فهي عملية لا بد أن تكون من القاع حتى تصل إلى
القمة. فلابد أن تبدأ العملية بالفرد المسلم الذي يعتنق أفكار الإخوان ثم
بعد ذلك تأتي مهمة تشكيل الأسرة المسلمة فالمجتمع المسلم. فلابد إذن أن
تصطبغ حركة الإخوان في هذه المراحل بالصبغة الدعوية التربوية. فإذا صادق
المجتمع على دعوة الإخوان ورسالته فهل ستكون الحركة في موقف ما يمكنها من
تنفيذ رؤيتها حول الدولة الإسلامية والحياة العامة والخاصة. وهل سيتجه
الإخوان في هذه المرحلة بالذات بتوجيه كامل قواها نحو العمل السياسي على
حساب العمل التربوي الدعوي. فعلى الرغم من أن البنا قد أبدى نشاطًا سياسيًا
غير عادي، إلا انه في المقابل قد ركز على التربية كأشد ما يكون. لطالما
كان يقول "إذا تمت عملية أسلمة الشعب بنجاح، فسيخرج المجتمع الإسلامي
الحقيقي لا محالة".




النظام الإسلامي والدولة الإسلامية .. العقيدة الكلاسيكية




وضع حسن البنا وإخوانه قواعد العقيدة الكلاسيكية القديمة حيث قالوا بأن
الأمة الإسلامية قد بلغت من الوهن والضعف ما بلغت بسبب انهيار مستواها
الديني من ناحية والغزو السياسي والثقافي والفكري الغربي من جهة أخرى، فكان
هذا هو الداء، فلابد إذن بالعودة إلى الإسلام النقي الصافي من خلال تكوين
نظام إسلامي حيث تكون الدولة الإسلامية هي مركزه النابض، وهذا هو الدواء.

وأهم مناط التعريف بالنظام الإسلامي أن تطبق الشريعة الإسلامية،
وهذا الأمر ربما بلغ في الأهمية مبلغها العظيم أكثر من إقامة الخلافة
ذاتها. ومصادر الشريعة الإسلامية تكمن عندهم في القرآن الذي يرى الإخوان
ضرورة رؤيته بمنهجية تفسيرية جديدة ثم السنة النبوية البعيدة عن الكذب
والزيف كما نفي الإخوان عن الفقهاء مكانة القداسة لفقههم فهم من أشد
المعارضين لقضية التقليدية في العبادات، لذا فتحوا الباب للاجتهاد من أجل
أن يحقق المسلمون أغراضهم وحاجاتهم بالتوافق مع الدين ثم هم يضيفون سلطات
أخرى للحاكم المسلم في أن يحكم طبقًا للمصلحة العامة طبقًا لقواعد وأسس علم
القياس والإجماع.

هذا وتستند نظرية الإخوان الكلاسيكية إلى ثلاثة مبادئ أساسية:
القرآن وهو الدستور الأساسي، والحكومة التي تعمل بمبدأ الشورى، والحاكم
الذي يلتزم بتعاليم الإسلام وإرادة شعبه. فالشعب هو مصدر السلطات وما
العلاقة بين الحاكم والمحكوم إلا كعقد اجتماعي حيث يكون الحاكم فيه هو
المستأمن والوكيل. ولابد أن يكون الحاكم مسلمًا ذكرًا ليس لديه أي حقوق
وراثية وربما يستمر في منصبه مدى الحياة إلا إذا تم عزله لسبب قانوني أو
أخلاقي أو لأسباب أخرى صحية، ويتم تسميته بالخليفة أو الإمام أو الملك أو
أي مصطلح نص عليه القرآن يحدد موقع القيادة ويصفه. وعلاوةً على ذلك، فتطبيق
مبدأ الشورى واجب، ويكون من خلال مؤسسة أهل الحل والعقد. تلك المؤسسة
المنتخبة التي تمثل الشعب، لذا فهي تتمتع بكامل السلطات الحقيقية في
البلاد. ويأتي أهل الحل والعقد بالانتخاب، لكن لم يحدد الإسلام طريقة
انتخاب أعضاء هذه المؤسسة. ويضمن الفرد فيها كافة حقوقه بما في ذلك
المساواة، والمسلمون وغير المسلمين متساوون في الحقوق والواجبات والأعباء.
لكن ليست المساواة بالدرجة المطلقة بين المسلمين وغيرهم من الملل الأخرى
وخاصةً أنه يطلق عليهم "أهل الذمة" ويكون من أهم شروط اختيار الإمام أن
يكون مسلمًا ذكرًا.

ومشاركة الإخوان في السياسة لا تعني رضاهم التام بالنظام السياسي
التعددي البرلماني، فقد دعت الحركة قديمًا إلى حل كافة الأحزاب السياسية
لأنها تزكي الفرقة ومن ثم فلا تتناسب والإسلام. فلا يرى الإخوان ضرورة
تشكيل أحزاب سياسية تمثل الحكومة. إنما تحتاج الديمقراطية إلى ضمانات لحرية
الرأي ومشاركة الشعب في الحكومة فالحياة البرلمانية تبدوا وكأنها متماشية
وتعاليم الإسلام الذي يرسي مبدأ الشورى الذي يقوم عليه البرلمان. لكن من
ناحية التطبيق، فقد قبل الإخوان تحت قيادة البنا المشاركة في الانتخابات
البرلمانية مدعين وجوب وصول الدعوة إلى المستوى الشعبي والمستوى الرسمي على
حد سواء. فهي كما نجحت على المستوى الشعبي نجاحًا باهرًا أرادوا أن تنجح
كذلك على المستوى الرسمي المتمثل في البرلمان. ومن جانبه، لم يمانع البنا
أن يشارك الإخوان في الانتخابات تحت مظلة أحزاب أخرى بهدف نشر أفكار
الإخوان وتوطيدها. لكن على الرغم من ذلك، فلم يخطر ببال البنا يومها أن
يشكل حزبًا خاصًا للإخوان إذ أن فكرة الإخوان عنده تقوم على أساس متين
يمكنها كجسد إسلامي شامل من عدم الانحياز لأي من الأحزاب السياسية أو حتى
التباري معها. وقد تم إعداد حجج دخول البرلمان التي تقول بأن الإخوان
يريدون أن يعتنوا بمستهدف تطبيق الشريعة ومن ثم استخدام البرلمان كأداة
لدعم الدعوة وتقويتها.

لكن هل الدولة الإسلامية دولة إقليمية أم دولة توحد كل المسلمين تحت
رايتها؟ لقد جاهد حسن البنا لتحقيق استقلالية الدول الإسلامية سياسيًا ثم
إقامة أنظمة إسلامية بديلة. لقد كانت هذه هي أولي أولوياته لتحقيق وحدة
المسلمين على المستوى الأكثر اتساعًا. ثم كانت المرحلة الثانية في أولوياته
تمثل إقامة اتحاد عربي إقليمي بعد إحداث تعاون اقتصادي وسياسي وثقافي بين
دول الإسلام المختلفة ينتج عنه بعد ذلك اتحاد إسلامي إقليمي يجمع هذه الدول
تحت لوائه. وسوف يأخذ هذا الاتحاد صفة جامعة الدول الإسلامية على غرار
عصبة الأمم اليوم، والذي لن تكون قراراته ملزمة للدول الأعضاء. وبعد تكوين
كل ذلك، يتم تنصيب الخليفة الذي سيتمتع بدور روحاني أكثر منه سياسي.



ولنا بقية مع هذا البحث
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hazabyan.3rab.pro
 
استراتيجية حركة الإخوان المسلمين من 1928م إلى 2007م
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» استراتيجية حركة الإخوان المسلمين من 1928م إلى 2007م (2)
» استراتيجية حركة الإخوان المسلمين من 1928م إلى 2007م (3)
» الإخوان المسلمون ومفهوم الحكومة الإسلامية
» عدل الرسول مع غير المسلمين في القضاء
» استقبال المسلمين لرمضان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى هذا بيان  :: قسم الأخبار :: ساحة الحوارات والمقالات السياسية :: التيارات الإسلامية وعلاقتها بالمجتمع-
انتقل الى: