منتدى هذا بيان
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، تسعدنا زيارتك لنا , ويسعدنا أكثر أن تقوم بالتسجيل والمشاركة معنا فى أقسام المنتدى المختلفة وكذلك المشاركة في فرق العمل الدعوية المتنوعة ...
منتدى هذا بيان
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، تسعدنا زيارتك لنا , ويسعدنا أكثر أن تقوم بالتسجيل والمشاركة معنا فى أقسام المنتدى المختلفة وكذلك المشاركة في فرق العمل الدعوية المتنوعة ...
منتدى هذا بيان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


إسلاميات أخبار عالمية عربية مصرية علمية ثقافية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أعضاء المنتدى الكرام زوارنا الأفاضل هذا المنتدى أنشئ خصيصا للرد على العلمانييين وللتعريف بالإسلام من حيث علاقاته مع الآخرين وتعاملاته مع فئات مختلفة ونقدم بين أيديهم المشروع الإسلامى السياسى وهو أفضل مشروع وهذه محاولة منا قد تكون بسيطة لكنها بإذن الله فى موازين حسناتنا أجمعين نحن نقبل اختلاف الآراء ونقبل الرأى المخالف إذا استند إلى أدلة وبراهين وطالما نبحث عن الحق فكلنا سندا لبعض كما نود تنبيهكم بطريقة إلغاء الإعلانات الموجودة غصبا لدينا من هــــــــــــــــــــــنا والله الموفق

 

 الأثر الإيماني لتعليم القرآن الكريم على الفرد والمجتمع:

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
الفاروق




عدد المساهمات : 22
تاريخ التسجيل : 01/07/2011

الأثر الإيماني لتعليم القرآن الكريم على الفرد والمجتمع: Empty
مُساهمةموضوع: الأثر الإيماني لتعليم القرآن الكريم على الفرد والمجتمع:   الأثر الإيماني لتعليم القرآن الكريم على الفرد والمجتمع: Empty7/16/2011, 18:02

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد إن لتعليم القرآن الكريم على الفرد والمجتمع أثر إيمانى كبيرعلى الأمة الإسلامية من نشأتها إلى منتهاها، و الحفاظ عليه والعمل بأحكامه هو سبب سعادتها الأبدية.
المبحث الأول: القدوة الإيمانية والعلمية:
المطلب الأول: كلمة لابد منها في عظم المسؤولية.
لابد من هذا الكلمة لبيان المهمة التي يجلس المعلم لأجلها في حلقة التحفيظ ولبيان الأمور التي من الواجب أن يكون تعلمها عن القرآن الكريم في حياته، ويحاول في هذه العملية التي يبني فيها العقول والأفكار ـ من خلال حضورهم لحلقات التحفيظ ـ أن ينقلها إلى أبنائنا وفلذات أكبادنا.
ولأن المعلم هو السائس الأول لحلقات التحفيظ والمربي الذي يأخذ في توجيه الطلاب، ويقوم على تربيتهم وتعليمهم ـ مع حفظ القرآن الكريم ـ كيف ينتفعون به ويتخلقون بأخلاقه ويتأدبون بآدابه كما كان سيد البشر عليه الصلاة والسلام، وكما كان صحبه الكرام رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، كان لزاما على هذا المعلم الكريم أن يعرف ما يمكنه من نفع طلابه.
فلابد إذن من حصول المدرس على معرفة تامة ـ أو شبهها ـ بحالة الناس قبل نزول القرآن الكريم، وكيف كانوا إبان نزوله؟، وكيف استقبلوا خبر النبوة ونزول القرآن الكريم؟ وكيف غير الله سبحانه بالقرآن الكريم تلك النفوس التي استمرأت الضلال، وكيف أخرجها الله من الظلمات إلى النور؟.
كما ينبغي للمعلم أن يعرف الآتي:
1ـ الحياة العامة للناس قبل بعثة سيد الخلق عليه وعلى آله أزكى التسليم.
ـ كيف نزل الوحي على الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؟ وكيف كان يراجع النبي - صلى الله عليه وسلم - حفظه؟
2ـ كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه القرآن الكريم؟، وكيف كان يحثهم على الحفظ وكثرة القراءة؟، وكيف كان يبين لهم الآيات ، ويرشدهم إلى العمل بكتاب الله تعالى.
3ـ كيف كان الصحابة رضوان الله عليهم ـ والحفاظ منهم خاصة ـ يعلمون التابعين القرآن الكريم؟، وكيف بدأت الكتاتيب وكيف استمرت؟
4ـ كما ينبغي للمعلم أن يكون على بينة بالكيفية التي بين القرآن الكريم فيها العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات؟.
المطلب الثاني: أركان حلقة التحفيظ.
المعلم: هو الركن الأساس في عملية تحفيظ القرآن الكريم وتوجيه الطلاب بتعاليمه ، ويكفيه فخرا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشاد به متعلما للقرآن الكريم ومعلما له في لفظ وجيز جعل منه في قمة أهل الفضل والخير في الأمة فقال - صلى الله عليه وسلم -: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )
وبما أن المدرس بهذه الأهمية في حياة المجتمع ـ لصناعته وصقله لتوجهات طلابه وأفكارهم ـ كان لزاما على كل متحدث أن يعطي المعلم الاهتمام الأول لأنه الناقل للمعارف والأخلاق من أساتذته وخبراته ومعارفه إلى طلابه..
يقول الدكتور محمد متولي منصور ـ محددا لشخصية المعلم الداعية ـ :
لن يكون المعلم داعية إلا إذا تحلى بالصفات التي اتفق العلماء قديمًا وحديثًا على ضرورة توفرها في جميع المعلمين، ومن أبرز هذه الصفات ما يلي:
أولاً: الشفقة على المتعلمين، وذلك بأن يعامل المعلمُ المتعلمَ كابنه تماما، وذلك واضح في توجيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمؤمنين عامة وللمعلمين خاصة في قولهSad إنما أنا لكم مثل الوالد لولده ) ، ويقصد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بذلك إنقاذهم من نار الآخرة، وهو أهم من إنقاذ الوالدين ولدهما من نار الدنيا، ولذلك قرر أن حق المعلم أعظم من حق الوالدين، فالوالد سبب الوجود الحاضر، أما المعلم فهو سبب الحياة الباقية.
ثانيًا: ضرورة اقتداء المعلم بصاحب الشرع الحنيف - صلى الله عليه وسلم - في عدم المنة على المتعلمين؛ لأن تعلمه نعمة، كما أن تعليمه لطلابه نعمة، والنعمة لا يُمَن بها؛ لأن المَنَّ بها يؤدي إلى زوالها.
ثالثًا: ألا يترك المعلم من نصح المتعلم شيئًا، بل يجب عليه أن يستمر في نصحه؛ لأن النصيحة واجبة من المعلم للمتعلم.
رابعًا: يجب على المعلم أن يمنع المتعلم عن الأخلاق السيئة بطريق التعريض لا بطريق التقريع، وبطريق الرحمة لا بطريق التوبيخ والتعنيف، فربنا يقول لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: ( وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ).
خامسًا: يجب على المعلم أن يتصل بالمتعلم على قدر فهمه، ويخاطبه على قدر عقله.
سادسًا: يجب على المعلم أن يراعي أحوال المتعلمين في مستوى التحصيل والإدراك، وأن يراعي الفروق الفردية بين طلابه.
سابعًا: يجب على المعلم أن يكون عاملاً بعلمه، قدوة فيما يقول، وأسوة فيما يفعل؛ لأنه المؤثر الأول بعد الأسرة في تكوين فكر طلابه وتهذيب أخلاقهم.
أقول: يجب على معلم القرآن خاصة أن يتحلى بالآتي:
ـ بجودة الحفظ وحسن الأداء ليقتدي به الطلاب في ذلك.
2ـ بالمحافظة على الوقت؛ من حيث حضوره وانصرافه، وتوزيع الوقت على عدد الطلاب وواجباتهم اليومية، وإعطاء كل طالب حقه من الوقت.
3ـ بضبط القراءة النظرية للطلاب، وضبط التسميع للواجبات اليومية في التجويد، ووضع الضوابط الخاصة بعدد الشكوك والأخطاء.
الطالب: هو محور العملية التعليمية، وهو الأساس الذي أقيمت من أجله العملية التعليمية.
وطالب الحلقة القرآنية أشرف طالب، وهو من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، اصطفاه الله لحفظ كتابه ووفقه للمحافظة على وقته، وصرفه في تعليم أشرف علم وحفظ أفضل ذكر، ولذلك لا بد له من العناية بالآتي :
أولا :العناية بالمظهر من لبس الثوب النظيف، والعمامة إن أمكن، وتقليم الأظافر، وعدم الإسبال .
ثانيا: الحضور مبكراً إلى الحلقة والاستمرار بها إلى نهاية وقتها إلا للضرورة .
ثالثا: التأدب بأخلاق أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته .
خامسا: المحافظة على آداب المساجد في الدخول والخروج، وحفظ مقتنيات المسجد.
سادسا: احترام المدرس .
سابعا: حسن التعامل مع زملائه .
ثامنا: حفظ الواجب اليومي من مراجعة ودرس وسورة الدرس .
تاسعا: وأن يكون الحفظ في المنزل .
عاشرا: الحرص على التقدم الدائم في الحفظ .
الحادي عشر: أن يتحلى بروح التنافس الشريف في حفظ القرآن .
القرآن الكريم ( وهو المادة العلمية ):
وهو كلام الله سبحانه وتعالى غير مخلوق، المنزل على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - باللغة العربية المعجزة المؤيدة له، المتحدى به العرب المتعبد بتلاوته، المنقول إلينا بالتواتروالأدلة في كتاب الله تعالى على هذا التعريف كثيرة منها قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ).
ولا شك أن الله وضع في القرآن الكريم ـ وهو خاتم الكتب ـ كل ما فيه صلاح الناس وإصلاحهم، وبين فيه كل ما يجب عليهم تجنبه والبعد عنه، قال تعالى: ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ، وقال تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء )، والآيات في هذا الباب كثيرة.
وقد حمل الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - الحِفَاظَ على هذا الكتاب ـ وجعل عزه فيه ـ وأدخل في هذا التحميل ـ وهذه العزة أيضا ـ الذين نزل فيهم القرآن الكريم وهم الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ثم التابعين لهم ومن تبعهم على مر العصور، فقال عز وجل: ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ) ، فحث النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته على حفظ القرآن الكريم وفهمه والعمل به.
وقد اهتم الصحابة رضي الله عنهم كل الاهتمام، فكان من أعظم ما اتفقوا عليه بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع القرآن الكريم، فكان الجمع في عهد أبي بكر رضي الله عنه، ثم الجمع في عهد عثمان رضي الله عنه، وتميز الجمعان بالمبالغة في التوثيق حتى كان من شرط الجمع أن يتفق المكتوب مع المحفوظ، فيتفق ما في الصدور مع ما في السطور.
ثم لم تزل الأمة مهتمة بهذا الكتاب العزيز جيلا بعد جيل ممتثلة أوامره مجتنبة نواهيه محكمين له في دقيق أمورهم وجليلها، وينوب ـ في تفسيره ـ علماء الأمة مكان النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث علَّم العلماء من أتباعه كيفية بيان الكتاب العزيز، بل إن كثيرين منهم حضروا نزول الآيات وشاهدوا مواقع العبر والبينات، وقد علم الصحابة الكرام رضي الله عنهم من بعدهم حفظ القرآن الكريم، وكيفية الحفظ، وأحسن طرق الحفظ والمراجعة وكيف يكون العمل به، واجتهدوا في القيام بذلك وسعهم وفوق وسعهم.
وما هذه الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم إلا مثالا حيا على عناية الأمة بالقرآن الكريم، الذي تكفل الله بحفظه وهيأ الأمور الميسرة لهذا الحفظ.
المبحث الثاني: ( الإيمان ) في القرآن الكريم.
المطلب الأول: معنى الإيمان.
وقال العلماء في تعريف الإيمان لغة: التصديق.
والإيمان اصطلاحا: قول باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح.
وقد عرفه النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث جبريل عليه السلام بأنه أعمال الإسلام الباطنة وذلك في حديث جبريل عليه السلام المشهور: قال : فأخبرني عن الإيمان؟ فقال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت. هذه ستة أركان للإيمان ورد بها الحديث الصحيح والآيات الكريمة قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ).
فالركن الأول الإيمان بالله، ويعني: توحيده سبحانه وتعالى فهو الإله الحق المبين، الذي خلق فسوى وقدر فهدى، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة من أعظمها وأكثرها دلالة قوله تعالى: ( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ )
والركن الثاني: الإيمان بالملائكة، ومن الإيمان بهم: الإيمان بأعدادهم وكثرتهم وبخلقهم وبأعمالهم، والإيمان بمن ذكرت لنا أسماؤهم منهم، والإيمان بمن ذكرت لنا أعمالهم الموكلة إليهم.
الركن الثالث: الإيمان بالكتب، ومن الإيمان بها الإيمان بأعدادها الكثيرة ، وما ذكر منها مفصلا ومسندا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أنزل عليه أو بعث به، ومن الإيمان بها الاعتقاد بأن بعضها ينسخ بعضا، وأن جملة ما نزل منها قد نسخه الله بالكتاب الخاتم الذي أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الركن الرابع: الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام، ومن الإيمان بهم الإيمان بخاتمهم عليه الصلاة والسلام وأنه لا نبي بعده، ومن الإيمان بهم والإيمان بأعدادهم وبالكتب التي أنزلها الله عليهم، وبأنهم جم غفير أرسلهم الله ليوحده الخلق ويؤمنوا به ويجتنبوا الطاغوت ، واختارهم الله من بين جميع البشر، وهو سبحانه يخلق ما يشاء ويختار.
الركن الخامس: الإيمان باليوم الآخر؛ ومن الإيمان به الإيمان بالموت وأن القبر أول منازل الآخرة ، وأنه روضة من رياض الجنان أو حفرة من حفر النيران، والإيمان بالبعث والنشور والميزان والصراط، والجنة دار أوليائه والنار دار الأشقياء، وأنهما مخلوقتان، والإيمان برؤية الله سبحانه في الآخرة وأنها حق، وأن كلامه حق بصوت وحرف يسمعه جميع خلقه.
الركن السادس: الإيمان بالقدر خيره وشره، وأنه من الله فهو عز وجل خالق الأشياء ومسبباتها، له الحكمة البالغة والبصيرة النافذة، لا يسأل عما يفعل وغيره مسئول محاسب، يعز من يشاء ويذل من يشاء سبحانه وتعالى.
المطلب الثاني: ورود كلمة الإيمان في القرآن الكريم.
كلمة الإيمان كلمة عظيمة مدلولها كبير كما تقدم، ولذلك وردت كثيرا في القرآن الكريم وبتصريفات شتى، فكلمة ( آمَنَ ) وردة في القرآني بلفظ الماضي ( 33مرة )، وكلمة ( آمَنَّا )، وردت في القرآن الكريم مع الضمير ( نا ) في ( 33موضعا )، وكلمة ( آمَنُوا ) فقد وردت في القرآن الكريم ( 258مرة )، ووردت كلمة ( يُؤْمِن ) بلفظ المضارع ( 28مرة )، وقد وردت هذه الكلمة مع جمع المذكر السالم المرفوع ( يؤمنون ) في القرآن ( 87مرة )، أكتفي بهذه الأفعال وهذه الأعداد ، وإلا فكلمة الإيمان وردت في القرآن الكريم بتصريفات أخرى في مواضع كثيرة.
وما هذا الذكر والدوران لهذه الكلمة في القرآن الكريم إلا لأهميتها، فالإيمان هو مصدر السعادة لأهله في الدنيا والآخرة، والإيمان أفضل الأعمال على الإطلاق، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الأعمال أفضل؟ ( قال: إيمان بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قال: ثم ماذا؟ قال حج مبرور )
يقول الشيخ الدكتور صالح بن حميد: إنّ في حلاوةِ الإيمان ترطيبًا لجَفاف المادّة الطاغية، وحدًّا من غلواءِ الجشَع والجزَع، وغَرسًا لخِلال البِرّ و الرّحمة، ومن ثَمّ تتنزّل السّكينة على القلوب، وتغشى الرحمةُ النّفوس، يقول تعالى: ( أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صلاتٌ مّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )، ويقول سبحانه ( أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مّنْهُ ).
وقد جمع النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - بين الإيمان والقرآن في عدة أحاديث منها هذا الحديث الذي يبين فيه مكانة المؤمن القارئ فعَنْ اَبِي مُوسَى الاَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَاُ الْقُرْانَ مَثَلُ الاُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَاُ الْقُرْانَ مَثَلُ التَّمْرَةِ لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَاُ الْقُرْانَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَاُ الْقُرْانَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ ) .
فدل هذا الحديث على علو مكانة المؤمن الذي يقرأ القرآن، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ( مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام ، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده ، وهو عليه شديد فله أجران )
ولا يخفى أن من كان مع السفرة الكرام البررة ـ كما جاء مصرحا به في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ـ أفضل من الذي له أجران.
المطلب الثالث: الأثر الإيماني للقرآن الكريم في الجيل الأول:
من يذهب يبحث عن الأثر الإيماني للقرآن الكريم في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنهم سيغترف من بحر الأخبار التي وردت عنهم، كيف لا وقد أمرهم الله بالمسارعة والمسابقة للخيرات، وأمرهم الله بالاستجابة له سبحانه ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال تعالى: ( يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) .
وقد استجاب المؤمنون لله ورسوله عليه الصلاة والسلام استجابة منقطعة النضير، حتى أصبحوا يقدمون هذه الاستجابة على كل موروثاتهم العقدية والاجتماعية، فالاستسلام لله والإيمان به وبكل ما جاء عنه استنشقوه مع الهواء، وجرى في عروقهم مع الدماء، حتى صارت سكناتهم وحركاتهم وتوجهاتهم لله الواحد الأحد، فمحبوب الله محبوبهم، وما لا يرضي الله ورسوله يكرهونه ولا يرضونه، فالأمر أمره ، وما نهى عنه لا يقربونه، ويمكنني أن أضرب بعض الأمثلة على ذلك:
أولا : في الخمر.
حيث كانوا ـ مع معرفتهم بكثرة مضارها ـ يحبونها حبا جما ويذكرونها في أشعارهم، ويتفاخرون ـ بجيدها وباقتنائها وبشربها ـ في أحاديثهم نثرا وشعرا، فلا تكاد تخلوا قصيدة جميلة من ذكر الخمر.
ومع هذا الحب والفخر بها نراهم يستجيبون لله بدون أي تساؤل، ويسارعون في تنفيذ نهي الله عنها، وفي هذا الحديث بيان سرعة استجابتهم تلك، عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا؟، فنزلت الآية التي في البقرة، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال عمر: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا؟ فنزلت الآية التي في النساء ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى )، فكان منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقام الصلاة نادى: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى، فدعي عمر، فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا؟ فنزلت الآية التي في المائدة، فدعي عمر رضي الله عنه، فقرئت عليه، فلما بلغ ( فهل أنتم منتهون) قال عمر رضي الله عنه انتهينا انتهينا .
ثانيا: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق:
بر الوالدين من الأمور المسلمة، وقد حث عليه الإسلام، بل إن الله جعل طاعتهما في المكانة بعد طاعته وتوحيده عز وجل، وآيات القرآن الكريم تعرف الإنسان بمكانة الوالدين، قال تعالى: ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) وقد وصى بهما القرآن الكريم وصاة خاصة وبين مكانة الأم، فقال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ )ولم يغفل النبي الكريم عليه الصلاة والسلام مكانتهما فجعل طاعتهما والعمل على راحتهما بمثابة الجهاد في سبيل الله، فقال - صلى الله عليه وسلم - لمن استأذنه في الخروج معه للجهاد في سبيل الله: ( أحيٌ والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد ).
وجعل عقوقهما من أكبر الكبائر فقال - صلى الله عليه وسلم -: ( قال أكبر الكبائر الإشراك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وقول الزور أو قال وشهادة الزور ) ومع كل هذه العناية ـ بشأن الوالدين ـ فإن هذه العناية والاهتمام بالوالدين حتى ولو كانا كافرين لم تصد الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن يتخذ الحزم مع أمه حين أرادت أن تصده عن الإسلام، قال سعد رضي الله عنه ـ وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة ـ: نزلت هذه الآية ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ) كنت رجلا برا بأمي فلما أسلمت قالت: يا سعد! وما هذا الذي أراك قد أحدثت؟ لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي، فيقال: يا قاتل أمه، قلت: يا أمه لا تفعلي فاني لا أدع ديني هذا لشيء، فمكثتْ يوما وليلة لا تأكل، فأصبحت قد جهدت، فمكثت يوما آخر وليلة ـ وقد اشتد جهدها ـ فلما رأيت ذلك قلت: يا أمه تعلمين والله لو كانت لك مئة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء، فإن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت ).
ثالثا: في الإنفاق:
كان الناس في الجاهلية غالبا ما يعدوا بعضهم على بعض ويتكسبون بالغزو والقتل، ويأكلون أموال الناس بالباطل، فلما نزل القرآن الكريم هذب تلك النفوس وحبب إليها العفو والإنفاق.
ومن عجيب ما يرويه أصحاب الصحاح عند نزول قوله تعالى: ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ )أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما أنزلت هذه الآية: ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) قام أبو طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله إن الله تبارك وتعالى يقول: ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )، وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بخ ذلك مال رابح ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه .
فهذه النماذج ـ وغيرها لا يعد ولا يحصى ـ تبين جليا أن القرآن الكريم كان له الأثر الإيماني الأكبر في حياة الجيل الأول الذي عاصر الوحي وشاهد التنزيل، ولم يزل هذا التأثر قائما في كل جيل بما يورثه الإيمان والاعتزاز بأنه على الحق وأن الدين الذي يتبعه هو الدين الصحيح.
المبحث الثالث: أهمية حلقات التحفيظ والآثار الإيمانية لها..
المطلب الأول: العناية بحلقات التحفيظ:
تقدمت الإشارة إلى أن الله سبحانه قد هيأ الأمور لحفظ كتابه كما أخبر، فقال تعالى: ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )
وقد ألهم الله الذين يريدون للأمة الخير والعزة والرفعة ـ التي فقدوها في العصور المتأخرة بفعل البعد عن هذا الكتاب العزيز، وبفعل المستعمر الكافر الذي بذل الغالي والنفيس ليبعد الأمة عن القرآن الكريم ـ ألهمهم الله الدعوة للعودة إلى منبع الدين وأساسه وهو الكتاب العزيز، فأسسوا الحلقات لتحفيظ القرآن الكريم في أرجاء العالم الإسلامي، وقد اتخذت هذه العناية أشكالا عدة، يمكنني اختصارها في النقاط الآتية:
1ـ تبني الحكومات لهذه الحلقات والعناية بها، وتخصيص بعض المال للمساعدة في زيادة إمكانيات إقامة هذه الحلقات، ولم تأت هذه العناية من فراغ فقد أثبتت الجمعيات وحلقاتها الريادة في قيادة الناس إلى التزام الدين وأخلاقه في جميع الجوانب كما حثت على ذلك آيات القرآن الكريم، متمشين في ذلك مع قول الحق تبارك وتعالى في نبيه عليه الصلاة والسلام: ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )
2- إقامة المسابقات الكثيرة في حفظ القرآن الكريم وتجويده للعناية بحفاظ القرآن الكريم وحث الناشئة على التنافس في حفظ القرآن الكريم
المطلب الثاني: التسجيل في حلقات التحفيظ:
لا شك أن التسجيل في هذه الحلقات بحد ذاته منقبة ومزية عظيمة، فلا محضن من المحاضن التربوية يمكن أن يعطي الإنسان ما تعطيه حلقات التحفيظ لطلابها من الحفاظ عليهم جسميا وروحيا
المطلب الثالث: الموقع الإيماني لحلقات التحفيظ في الجمعيات.
1ـ حلقات التحفيظ تكون غالبا في بيوت الله، ويا سعد من كان غالب جلوسه في بيت الله، فقد جاء الثناء عليها من الله سبحانه وتعالى، كما أثنى على الذين يرتادونها طائعين وبالصلاة خاشعين لله، فقال عز وجل: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ) ، وقد أثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - على المجتمعين في بيوت الله يتعلمون القرآن الكريم ويتدارسونه بينهم، فقال - صلى الله عليه وسلم - في حديث طويل ـ هذا بعضه ـ: ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ) ،فإذا كانت الحلقات كذلك فهنيئا للطالب هذه المزية.
واختصارا سأذكر بعض الفوائد من الحضور للمسجد:
أ ـ ارتياد المساجد وتعود ذلك ـ وهو أمر حث عليه الشارع كثيرا ـ وخاصة في جانب الرجال، ولذلك جاءت كلمة ( رِجَالٌ ) في الآية السابقة للدلالة على مكانة بيوت الله بالنسبة لمرتاديها من الرجال، ولما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ـ كانت كلمة رجل حاضرة ومقصودة في هذه الحال ـ ، قال - صلى الله عليه وسلم - : ورجل قلبه معلق في المساجد .
ب ـ الذهاب إلى المسجد لقصد الجماعة وانتظارها، ولقصد قراءة القرآن وتعلم ما ينفع كل ذلك يزيد في الأجور ويرفع الدرجات ويحط السيئات، يقول - صلى الله عليه وسلم - : ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط ، والطالب في حلقات التحفيظ يفرغ من صلاة العصر ويجلس مع القرآن الكريم حتى صلاة المغرب، كما يجلس من بعد المغرب إلى العشاء ؛ فهو قارئ للقرآن منتظر للصلاة.
ج ـ يتعلم الطالب في ذهابه لحلقات التحفيظ أمورا كثيرة طيبة منها أحكام الطهارة وآداب المشي إلى بيوت الله وسنن دخول المساجد وكيف يكون الأدب فيها.
د ـ تعلم طالب حلقات التحفيظ من معلمه وزملائه سلوكيات طيبة كثيرة خاصة مع كون الجميع في بيت الله متلبسين بطاعة قراءة القرآن الكريم، يتعلمون من معلمهم آداب التلاوة والتكرار والحفظ، كما يتعلمون أهم أوقات المراجعة والحفظ.
المطلب الرابع: الأثر الإيماني لتكرار الواجبات اليومية في الحلقات .
لطالب حلقات التحفيظ أربعة واجبات رئيسة ـ تقدم التنويه بها ـ وهي:
1ـ تسميع الدرس المحفوظ. 2ـ تسميع سورة الدرس. 3ـ تسميع المراجعة.
4ـ قراءة الدرس الجديد نظرا.
والواجبات اليومية لطالب حلقات التحفيظ تدل على معان سامية ولها وائدكبيرة يعرفها كثيرون ممن يعملون في هذا المحضن التربوي الرائع، وسأذكر بعضها:
أ ـ التكرار: ويعني ترديد الطالب لقراءة الآية عددا من المرات ليحفظها، وهذا التكرار يورث الطالب في حلقات التحفيظ عددا من المزايا لا يمكن أن تكون لغير طلاب حلقات التحفيظ منها:
أولا: أن تكرار الطالب لآيات القرآن الكريم في حلقات التحفيظ يجعل من الطالب أكثر استعدادا علميا وصحيا وخطابيا واجتماعيا، فهو يملك بين جنبيه حقيبة كبيرة قد ملئت علما ومعرفة يتنقل بها كيف شاء ويستخدمها متى شاء.
ثانيا: والتكرار لكتاب الله يجعل الطالب متصلا بالله كثير المعرفة له، يخشاه حق الخشية فهو يتقرب إليه بما افترض عليه في علم وإيمان ومعرفة ورضى، قال تعالى: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ )
ثالثا: ومع كثرة التكرار نجد حامل القرآن قريبا من الله بعيدا عن كل خلل، فأخلاقه إلا أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - أميل، وبآداب القرآن الكريم ألصق، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير أنه لا يوحى إليه، لا ينبغي لصاحب القرآن أن يجد مع من وجد، ولا يجهل مع من جهل وفي جوفه كلام الله تعالى ).
رابعا: وبكثرة تكرار الطالب تزيد الحسنات وترفع درجاته في الآخرة بل ويجعل الله تعالى له القبول في الأرض، قال تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ) ، ويقول - صلى الله عليه وسلم - : ( من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ) .
ب ـ التربية الإيمانية العملية بآيات القرآن الكريم؛ لأن الطالب يحصل بمداومة قراءة القرآن الكريم على معرفة كبيرة وتربية لا يمكن وصفها، وسأذكر بعض تلك الجوانب ـ مختصرا ـ؛ لأن بعضها مر في المراحل المتقدمة في هذا البحث.
ـ ففي جانب العقائد يكرر الطالب قضايا توحيد الله سبحانه وتعالى بجميع أنواع التوحيد ـ توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات ـ، وقد ذكرتها سابقا، فهذا التكرار مع توجيهات المدرس لابد وأن تورث الطالب علما يثبت في فؤاده ويغير مجرى حياته، وقد غير الله بالقرآن الكريم من الشرك وعبادة الأصنام والانحرفات الكبيرة فكيف لا يغير من نفوس طاهرة لم تعبد سواه ولم تتجه إلى غيره.
2ـ وفي جانب العبادات يكرر الطالب كثيرا من أنواعها خاصة الأركان الخمسة منها مثل الشهادتين والصلاة والصوم والزكاة والحج لبيت الله تعالى، ويتعلم أنه لا يجوز صرفها لغير الله تعالى، وتكون توجيهات المدرس هي التعليم الأوفى؛ لأنه ينوب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التعليم وفي بيان ما أجمل القرآن الكريم.
ـ وفي جانب المعاملات والأخلاق نجد طالب التحفيظ يتعلم كثيرا ـ منها ما كان مزاوِلاً له ومنها ما هو بعيد عنه ـ فهو يقرأ آيات القرآن الكريم التي تأمره بالمعروف بشتى أنواعه ما كبر منه وما صغر وما دق منه وما جل، وتنهاه عن المنكر كله صغيره وكبيره، يقول الله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) ، قال السعدي رحمه الله: فالعدل الذي أمر الله به يشمل العدل في حقه، وفي حق عباده؛ فالعدل في ذلك: أداء الحقوق كاملة موفورة بأن يؤدي العبد ما أوجب الله عليه من الحقوق المالية والبدنية، والمركبة منهما في حقه وحق عباده، ويعامل الخلق بالعدل التام؛ فيؤدي كل والٍ ما عليه تحت ولايته سواء في ذلك ولاية الإمامة الكبرى وولاية القضاء، ونواب الخليفة ونواب القاضي، والعدل: هو ما فرضه الله عليهم في كتابه وعلى لسان رسوله وأمرهم بسلوكه، ومن العدل في المعاملات؛ أن تعاملهم في عقود البيع والشراء ـ وسائر المعاوضات ـ بإيفاء جميع ما عليك فلا تبخس لهم حقا ولا تغشهم ولا تخدعهم ولاتظلمهم، فالعدل واجب، والإحسان فضيلة مستحبة؛ وذلك كنفع الناس بالمال والبدن والعلم وغير ذلك من أنواع النفع حتى يدخل فيه الإحسان إلى الحيوان البهيم المأكول وغيره
ثم قال السعدي رحمه اللهSad 4وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ )؛ وهو كل ذنب عظيم استفحشته الشرائع والفطر؛ كالشرك بالله والقتل بغير حق والزنا والسرقة والعجب والكبر واحتقار الخلق وغير ذلك من الفواحش، ويدخل في المنكر كل ذنب ومعصية تتعلق بحق الله تعالى، وبالبغي: كل عدوان على الخلق في الدماء والأموال والأعراض، فصارت هذه الآية جامعة لجميع المأمورات والمنهيات لم يبق شيء إلا دخل فيها، فهذه قاعدة ترجع إليها سائر الجزئيات، فكل مسألة مشتملة على عدل أو إحسان أو إيتاء ذي القربى فهي مما أمر الله به وكل مسألة مشتملة على فحشاء أو منكر أو بغي فهي مما نهى الله عنه وبها يعلم حسن ما أمر الله به وقبح ما نهى عنه .
المطلب الخامس: أثر حلقات التحفيظ على الفرد والأسرة والمجتمع.
لا يخفى على الآباء أن أبناءهم يتغيرون يوما بعد يوم ـ في حلقات التحفيظ ـ ويتحولون إلى الأخلاق الفاضلة التي يحملونها من كتاب الله، مما يؤثر إيجابا على حياة الجميع، فالمجتمع معظمه ـ بكتاب الله ـ مشغول؛ إما بالاستعداد لحفظ القرآن الكريم وإما مشغول بالإعداد للحافظين، أو مشغول بتعليم كتاب الله وكشف ما أودع الله فيه من كنوز للطالبين.
وسأذكر في هذه العجالة بعض الأمور التي تبين الأثر الإيماني لحلقات تحفيظ القرآن الكريم على المجتمع بأسره:
أولا: في الإيمان بالله؛ تجد أهل القرآن يعرفون الله حق المعرفة فيخلصون عبادتهم كلها له سبحانه وتعالى، وتراهم يخشون الله في السر والعلن، فلا يَقْدُمُون على عمل أو قول حتى يعرضونه على ربهم هل يرضاه أم يسخطه، فهم يعبدون الله كأنهم يرونه ويعلمون أنه يراهم في سكناتهم وحركاتهم.
ثانيا: في العبادات؛ تجدهم يقومون بها على أكمل وجه فيؤدونها مكتملة الأركان والواجبات والشروط والسنن؛ كما أمر الله سبحانه وتعالى، مستلهمين كل ذلك من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي يتحدث مبينا عن ربه سبحانه وتعالى، بل ويؤدونها بعلم ومعرفة تامة بأدلتها من الكتاب والسنة.
ثالثا: في المعاملات؛ تجد أهل القرآن أحسن الناس في تعاملهم مع ربهم عز وجل ومع آبائهم وإخوانهم وقراباتهم وجميع المسلمين؛ لأنهم علموا الحق في ذلك من كتاب الله الكريم وسنة المصطفى الأمين فأخذوا يعملون بمقتضى ما حفظوا وبخير ما علموا.
رابعا: في الأخلاق فأهل القرآن خلقهم هو خلق نبيهم - صلى الله عليه وسلم - الذي كان خلقه القرآن، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - قرآنا يمشي على الأرض، فكذلك حفاظ القرآن يعملون بهديه ويستنون بسنته عليه الصلاة والسلام، فالأمانة والصدق والوفاء والإحسان وغيرها من الأخلاق الجميلة التي يتحلى بها أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وأما الكذب والخيانة والفحش قولا وفعلا والغيبة والنميمة والسخرية فليست من أخلاق أهل القرآن.
والخلاصة: أن طلاب حلقات تحفيظ القرآن الكريم:
أولا: يعرفون حق خالقهم في أولوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته؛ فلا معبود سواه ولا مصرف لهذا الكون إلا هو، فله الأسماء الحسنى والصفات العلى.
ثانيا: يعرفون حق نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ؛ فيلزمون طاعته فيما أمر ويجتنبون ما نهى عنه وزجر ولا يعبد الله سبحانه وتعالى ألا بما شرع - صلى الله عليه وسلم -.
ثالثا: يعرفون حق دينهم فلا يعبدون الله إلا بمقتضى دينه الذي شرعه سبحانه فيخلصون في العبادة ويحسنون في الاتباع.
رابعا وأخيرا: طلاب حلقات التحفيظ يتحلون بالأخلاق الحسنة والصفات الحميدة؛ فآباؤهم محل الطاعة والاحترام والتقدير، ومن ولاه الله عليهم ولاية عظمى أو صغرى يتعاملون معه بالوفاء والصدق والإخلاص، وهم صادقون مخلصون في تعاملاتهم كلها، يجعلون مراضي الله نصب أعينهم فلا يحيدون أبدا عن صراطه السوي.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المجاهد

المجاهد


عدد المساهمات : 143
تاريخ التسجيل : 30/06/2011
الموقع : هداة الحق

الأثر الإيماني لتعليم القرآن الكريم على الفرد والمجتمع: Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأثر الإيماني لتعليم القرآن الكريم على الفرد والمجتمع:   الأثر الإيماني لتعليم القرآن الكريم على الفرد والمجتمع: Empty7/16/2011, 20:19



جزاكم الله خيراً ونرجوا المزيد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://hodatelhq.blogspot.com/
 
الأثر الإيماني لتعليم القرآن الكريم على الفرد والمجتمع:
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ادراك المعلم للأساليب التربوية الفعالة في حلقات الجمعيات الخيرية لتعليم وتحفيظ القرآن الكريم
» اعجاز القرآن الكريم
» التفسير العلمي للقرآن الكريم زغلول النجار ح14
» التفسير العلمي للقرآن الكريم زغلول النجار ح15
» التفسير العلمي للقرآن الكريم زغلول النجار ح1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى هذا بيان  :: المنتدى الإسلامى :: الإسلام والعلم-
انتقل الى: